والاستحاضة لا يفيد حيث كان في صورة الحلف مستحيلا شرعا، لأنه لم يحلف إلا على الصوم والصلاة الشرعيتين، أما على قول أبي يوسف فظاهر ا ه. قوله: (كتصوره في الناسي) أي في الذي أكل ناسيا فإن حقيقة الصوم: وهي الامساك عن المفطرات غير موجودة، مع أنه اعتبره الشارع صائما فقد وجد الصوم مع الاكل، وهذا نظير قوله: بعد أكله وأما قوله: أو بعد الزوال فلم يوجد له نظير، والناسي لا يصلح نظيرا له، وعن هذا قال في النهر: وأنت خبير بأن الصورة فيما إذا حلف بعد الزوال في الناسي الذي لم يأكل ممنوع ا ه.
قلت: ويجاب بأن المراد إمكان تصوره مع فقد شرط، وقد وجد ذلك في الناسي، ولا فرق بين شرط وشرط فيصلح ذلك نظيرا لهما، ويدل لما قلنا ما في الذخيرة من أن المراد بالتصور بعد الزوال وبعد الاكل أن الله سبحانه لو شرع الصوم بعدهما لم يكن مستحيلا، ألا ترى كيف شرعه بعد الاكل ناسيا، وكذا الصلاة مع الحيض تتصور، لان الحيض ليس إلا درور الدم وأنه لا ينافي شرعية الصلاة، ألا ترى أن للصلاة في حق المستحاضة مشروعة وشرط إقامة الدليل مقام المدلول التصور لا الوجود، بخلاف مسألة الكوز الخ ا ه ملخصا.
قلت: وبهذا يجاب عن إشكال الفتح، لان المراد أنه لو شرع لم يكن مستحيلا شرعا لهذه الشواهد، نعم يقوي إشكاله ما قدمه الشارح في بحث مسألة الكوز إن تصل الصبح غدا فأنت كذا لا يحنث بحيضها بكرة في الأصح، وعزاه في البحر هنا للمنتقى، وقال هنا: فحينئذ لا يحنث في مسألة الصوم أيضا على الأصح، قال: لكن جزم في المحيط بالحنث فيهما. وفي الظهيرية أنه الصحيح ا ه. فافهم. قوله: (كما في الاستحاضة) فإنها فقد معها شرط الصلاة مع حكم الشارع عليها بالصحة، فعلم أن شرعيتها مع فقد شرط غير مستحيلة بمعنى أنه تعالى لو شرعها مع الحيض لأمكن كما مر فلا يرد إشكال الكمال، فافهم. قوله: (لان محل الفعل) أي المحلوف عليه بقوله لا أشرب ماء هذا الكوز، والحال أنه لا ماء فيه.
مطلب: حلف لا يصلي حنث بركعة قوله: (بركعة) أي استحسانا لان الصلاة عبارة عن أفعال مختلفة، فما لم يأت بها لا تسمى صلاة: يعني لم يوجد تمام حقيقتها والحقيقة تنتفي بانتفاء الجزء، بخلاف الصوم فإنه ركن واحد ويتكرر بالجزء الثاني. وأورد أن من أركان الصلاة القعدة وليست في الركعة الواحدة فيجب أن لا يحنث. وأجيب بأنها موجودة بعد رفع رأسه من السجدة، وهذا إنما يتم بناء على توقف الحنث على الرفع منها، والأوجه خلافه، على أنه لو سلم فليست تلك القعدة هي الركن. والحق أن الأركان الحقيقية هي الخمسة، والقعدة ركن زائد على ما تحرر، وإنما وجبت للختم فلا تعتبر ركنا في حق الحنث ا ه فتح ملخصا. قال في النهر: وقدمنا أنها شرط لا ركن، وهو ظاهر في توقف حنثه على القراءة في الركعة وإن كانت ركنا زائدا، وهذا أحد قولين وقيل يحنث بدونها. حكاهما في الظهيرية.
قوله: (بنفس السجود) أي بوضع الجبهة على الأرض لتمام حقيقة السجود به بلا توقف على الرفع