[مب] مبحث مهم في تحقيق قولهم: الايمان مبنية على الألفاظ لا على الأغراض [/ مب] قوله: (الايمان مبنية على الألفاظ الخ) أي الألفاظ العرفية ما قبله، واحترز به عن القول ببنائها على عرف اللغة أو عرف القرآن، ففي حلفه لا يركب دابة ولا يجلس على وتد، لا يحنث بركوبه إنسانا وجلوسه على جبل، وإن كان الأول في عرف اللغة دابة، والثاني في القرآن وتدا كما سيأتي، وقوله: لا على الأغراض: أي المقاصد والنيات، احترز به عن القول ببنائها على النية.
فصار الحاصل أن المعتبر إنما هو اللفظ العرفي المسمى، وأما غرض الحالف فإن كان مدلول اللفظ المسمى اعتبر، وإن كان زائدا على اللفظ فلا يعتبر، ولهذا قال في تلخيص الجامع الكبير:
وبالعرف يخص ولا يزاد حتى خص الرأس بما يكبس ولم يرد الملك في تعليق طلاق الأجنبية بالدخول اه. ومعناه أن اللفظ إذا كان عاما يجوز تخصيصه بالعرف، كما لو حلف لا يأكل رأسا فإنه في العرف اسم لما يكبس في التنور ويباع في الأسواق، وهو رأس الغنم دون رأس العصفور ونحوه، فالغرض العرفي يخصص عمومه، فإذا أطلق ينصرف إلى المتعارف، بخلاف الزيادة الخارجة عن اللفظ كما لو قال لأجنبية: إن دخلت الدار فأنت طالق، فإنه يلغو، ولا يصح إرادة الملك، أي إن دخلت وأنت في نكاحي وإن كان هو المتعارف لان ذلك غير مذكور، ودلالة العرف لا تأثير لها في جعل غير الملفوظ ملفوظا.
إذا علمت ذلك فاعلم أنه إذا حلف لا يشتري لانسان شيئا بفلس فاللفظ المسمى وهو الفلس معناه في اللغة والعرف واحد، وهو القطعة من النحاس المضروبة المعلومة، فهو اسم خاص معلوم لا يصدق على الدرهم أو الدينار، فإذا اشترى له شيئا بدرهم لا يحنث، وإن كان الغرض عرفا أن لا يشتري أيضا بدرهم ولا غيره، ولكن ذلك زائد على اللفظ المسمى غير داخل في مدلوله فلا تصح إرادته بلفظ الفلس، وكذا لو حلف لا يخرج من الباب، فخرج من السطح لا يحنث، وإن كان الغرض عرفا القرار في الدار وعدم الخروج من السطح أو الطاق أو غيرهما، ولكن ذلك غير المسمى، ولا يحنث بالغرض بلا مسمى، وكذا لا يضربه سوطا فضربه بعصا لان العصا غير مذكورة، وإن كان الغرض لا يؤلمه بأن لا يضربه بعصا ولا غيرها وكذا ليغدينه بألف فاشترى رغيفا بألف وغداه به لم يحنث، وإن كان الغرض أن يغديه بما له قيمة وافية، وعلى ذلك مسائل أخرى ذكرها أيضا في تلخيص الجامع: لو حلف لا يشتريه بعشرة حنث بأحد عشر، ولو حلف البائع لم يحنث به، لان مراد المشتري المطلقة، ومراد البائع المفردة وهو العرف، ولو اشترى أو باع بتسعة لم يحنث، لان المشتري مستنقص والبائع وإن كان مستزيدا لكن لا يحنث بالغرض بلا مسمى كما في المسائل المارة اه. فهذه أربع مسائل أيضا.
الأولى: حلف لا يشتريه بعشرة فاشتراه بأحد عشر حنث، لأنه اشتراه بعشرة وزيادة، والزيادة على شرط الحنث لا تمنع الحنث، كما لو حلف لا يدخل هذه الدار فدخلها ودخل دارا أخرى.
الثانية: لو حلف البائع لا يبيعه بعشرة فباعه بأحد عشر لم يحنث، لان العشرة تطلق على