لو كان يخفي السب اه. ولم يعلل أحد لعدم قبول شهادتهم بالكفر كما ترى، نعم استثنوا الخطابية لأنهم يرون شهادة الزور لأشياعهم أو للحالف، وكذا نص المحدثون على قبول رواية أهل الأهواء، فهذا فيمن يسب عامة الصحابة ويكفرهم بناء على تأويل له فاسد.
فعلم أن ما ذكره في الخلاصة من أنه كافر: قول ضعيف مخالف للمتون والشروح، بل هو مخالف لاجماع الفقهاء كما سمعت. وقد ألف العلامة منلا علي القاري - رسالة في الرد على الخلاصة - وبهذا تعلم قطعا أن ما عزى إلى الجوهرة من الكفر مع عدم قبول التوبة على فرض وجوده في الجوهرة: باطل لا أصل له ولا يجوز العمل به، وقد مر أنه كان في المسألة خلاف ولو رواية ضعيفة، فعلى المفتي أن يميل إلى عدم التكفير، فكيف يميل هنا إلى التكفير المخالف للاجماع فضلا عن ميله إلى قتله وإن تاب، وقد مر أيضا أن المذهب قبول توبة ساب الرسول (ص) فكيف ساب الشيخين. والعجب من صاحب البحر حيث تساهل غاية التساهل في الافتاء بقتله مع قوله: وقد ألزمت نفسي أن لا أفتي بشئ من ألفاظ التكفير المذكورة في كتاب الفتاوى، نعم لا شك في تكفير من قذف السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها، أو أنكر صحبة الصديق، أو اعتقد الألوهية في علي، أو أن جبريل غلط في الوحي، أو نحو ذلك من الكفر الصريح المخالف للقرآن، ولكن لو تاب تقبل توبته، هذا خلاصة ما حررناه في كتابنا تنبيه الولاة والحكام وإن أردت الزيادة فارجع إليه واعتمد عليه ففيه الكفاية لذوي الدراية. قوله: (ويكفينا الخ) هذا مرتبط بقوله: وهذا يقوي القول الخ ط. والمراد بالامر: الامر السلطاني، وقد علمت ما فيه.
والحاصل أنه لا شك ولا شبهة في كفر شاتم النبي (ص) وفي استباحة قتله، وهو المنقول عن الأئمة الأربعة، وإنما الخلاف في قبول توبته إذا أسلم. فعندنا - وهو المشهور عند الشافعية - القبول.
وعند المالكية والحنابلة عدمه، بناء على أن قتله حدا أو لا؟ وأما الرافضي ساب الشيخين بدون قذف للسيدة عائشة ولا إنكار لصحبة الصديق ونحو ذلك فليس بكفر فضلا عن عدم قبول التوبة، بل هو ضلال وبدعة، وسيأتي تمامه في أول باب البغاة إن شاء الله تعالى.
مطلب في حال الشيخ الأكبر سيدي محيي الدين بن عربي نفعنا الله تعالى به قوله: (للشيخ محيي الدين بن العربي) هو محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي العارف الكبير ابن عربي، ويقال ابن العربي. ولد سنة 065 ومات في ربيع سنة 186 ودفن بالصالحية. وحسبك قول زروق وغيره من الفحول ذاكرين بعض فضله، هو أعرف بكل فن من أهله، وإذا أطلق الشيخ الأكبر في عرف القوم فهو المراد، وتمامه في ط عن طبقات المناوي. قوله:
(بعض المتصلفين) أي المتكلفين. قوله: (تيقنا الخ) لعل تيقنه بذلك بدليل ثبت عنده أو بسبب عدم اطلاعه على مراد الشيخ فيها، وأنه لا يمكن تأويلها، فتعين عنده أنها مفتراة عليه، كما وقع للعارف