في الأمصار فاختلف كلام محمد، فذكر في العشر والخراج تهدم القديمة، وذكر في الإجارة لا تهدم، وعمل الناس على هذا، فإنا رأينا كثيرا منها توالت عليها أئمة وأزمان وهي باقية لم يأمر إمام بهدمها، فكان متوارثا من عهد الصحابة، وعلى هذا لو مصرنا برية فيها أو كنيسة فوقع داخل السور ينبغي أن لا يهدم، لأنه كان مستحقا للأمان قبل وضع السور، فيحمل ما في جوف القاهرة من الكنائس على ذلك، فإنها كانت فضا فأدار العبيديون عليها السور، ثم فيها الآن كنائس ويبعد من إمام تمكين الكفار من إحداثها جهارا، وعلى هذا أيضا فالكنائس الموضوعة الآن في دار الاسلام غير جزيرة العرب كلها ينبغي أن لا تهدم لأنها إن كانت في الأمصار قديمة، فلا شك أن الصحابة أو التابعين حين فتحوا المدينة علموا بها وبقوها، وبعد ذلك ينظر: فإن كانت البلدة فتحت عنوة حكمنا بأنهم بقوها مساكن لا معابد فلا تهدم ولكن يمنعون من الاجتماع فيها للتقرب، وإن عرف أن فتحت صلحا حكمنا بأنهم أقروها معابد فلا يمنعون من ذلك فيها بل من الاظهار اه.
قلت: وقوله: فوقع داخل السور، ينبغي أن لا يهدم ظاهره أنه لم يره منقولا، وقد صرح به في الذخيرة وشرح السير، وقوله: وبعد ذلك ينظر الخ، قدمنا ما لو اختلف في أنها فتحية أو صلحية ولم يعلم من الآثار والاخبار تبقى في أيديهم، قوله: (خلافا لما في القهستاني) أي عن التتمة من أنها في الصلحية تهدم في المواضع كلها في جميع الروايات.
مطلب في تمييز أهل الذمة في الملبس قوله: (ويميز الذمي الخ) حاصله: أنهم لما كانوا مخالطين أهل الاسلام فلا بد من تمييزهم عنا كي لا يعامل معاملة المسلم من التوقير والاجلال، وذلك لا يجوز، وربما يموت أحدهم فجأة في الطريق ولا يعرف فيصلى عليه، وإذا وجب التمييز وجب أن يكون بما فيه صغار لا إعزاز، لان إذلالهم لازم بغير أذى من ضرب أو صفع بلا سبب يكون منه، بل المراد اتصافه بهيئة وضيعة، فتح.
قوله: (ومركبه) مخالفة الهيئة فيه إنما تكون إذا ركبوا من جانب واحد، وغالب ظني أني سمعته من الشيخ الأخ كذلك. نهر.
قلت: وهو كذلك، ففي رسالة العلامة قاسم في الكنائس، وقد كتب عمر إلى أمراء الأجناد أن يختموا أهل الذمة بالرصاص ويركبوا على الأكف عرضا. قوله: (وسلاحه) تبع فيه الدرر، وهو مناف لقوله تبعا لغيره من أصحاب المتون، ولا يعمل بسلاح إلا أن يحمل على ما إذا استعان بهم الامام، أو المراد من تمييزه في سلاحه بأن لا يحمل سلاحا، وهو بعيد. تأمل. قوله: (إلا إذا استعان بهم الامام الخ) لكنه يركب في هذه الحالة بإكاف لا بسرج، كما قال بعضهم. نهر. قوله:
(وذب) بالذال المعجمة: أي دفع وطرد العدو. قوله: (وجاز بغل) أي إن لم يكن فيه عز وشرف، وتمامه في شرح الوهبانية. قوله: (وهذا) أي جواز ركوبه لبغل أو حمار، وكان ينبغي تأخير هذه الجملة كلها عن قوله: ويركب سرجا كالأكف. قوله: (إلا لضرورة) كما إذا خرج إلى قرية أ كان مريضا. فتح. قوله: (والمعتمد أن لا يركبوا) كتب بعضهم هنا أن الصواب يركبون بالنون، كما