مطلب فيمن يريد الجهاد مع الغنيمة ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رجلا سأل النبي (ص) فقال: رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يريد عرض الدنيا، فقال عليه الصلاة والسلام: لا أجر له الحديث. قال:
ثم تأويله من وجهين: أحدهما: أن يرى أنه يريد الجهاد ومراده في الحقيقة المال، فهذا كان حال المنافقين ولا أجر له، أو يكون معظم مقصوده المال، وفي مثله قال عليه الصلاة والسلام للذي استؤجر على الجهاد بدينارين: إنما لك دينارك في الدنيا والآخرة وأما إذا كان معظم مقصوده الجهاد، ويرغب معه في الغنيمة فهو داخل في قوله تعالى: * (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) * (سورة البقرة: الآية 891) يعني التجارة في طريق الحج، فما أن لا يحرم ثواب الحج فكذا الجهاد.
قوله: (لاتحاد المقصود) وهو إخلاء الأرض من الفساد. ح. قوله: (ووجهه الترقي) أي من الحدود إلى الجهاد. قوله: (غير خفي) لان الحدود إخلاء عن الفسق والجهاد إخلاء عن الكفر. ح. قوله:
(مصدر جاهد) أي بذل وسعه وهذا عام يشمل المجاهد بكل أمر بمعروف، ونهي عن منكر. ح.
قلت: فلم يذكر الشارح معناه لغة بل بين تصريفه. قوله: (وقتال من لم يقبله) أي قتاله مباشرة أو لا، فتعريف ابن كمال تفصيل لاجمال هذا. ح. قوله: (في القتال) أي في أسبابه وأنواعه من ضرب وهدم وحرق وقطع أشجار ونحو ذلك. قوله: (أو معاونة الخ) أي وإن لم يخرج معهم بدليل العطف. ط. قوله: (أو تكثير سواد) السواد العدد الكثير وسواد المسلمين جماعتهم. مصباح. قوله:
(أو غير ذلك) كمداواة الجرحى وتهيئة المطاعم والمشارب. ط.
مطلب في الرباط وفضله قوله: (ومن توابعه الرباط الخ) قال السرخسي في شرح السير الكبير: والمرابطة المذكورة في الحديث: عبارة عن المقام في ثغر العدو لإعزاز الدين ودفع شر المشركين عن المسلمين. وأصل الكلمة من ربط الخيل، قال الله تعالى: * (ومن رباط الخيل) * (سورة الأنفال: الآية 06) والمسلم يربط خيله حيث يسكن من الثغر ليرهب العدو به، وكذلك يفعله عدوه ولهذا سمي مرابطة اه. واشترط الامام مالك أن يكون غير الوطن، ونظر فيه الحافظ ابن حجر بأنه قد يكون وطنه وينوي بالإقامة فيه دفع العدو، ومن ثم اختار كثير من السلف سكنى الثغور. قوله: (هو المختار) لان مأذونه لو كان رابطا فكل المسلمين في بلادهم مرابطون. وتمامه في الفتح.
قلت: لكن لو كان الثغر المقابل للعدو لا تحصل به كفاية الدفع إلا بثغر وراءه فهما رباط كما لا يخفى. قوله: (وصح الخ) هذا لم يذكره في الفتح حديثا واحدا، لأنه قال: والأحاديث في فضله كثيرة: منها ما في صحيح مسلم من حديث سلمان رضي الله عنه سمعت رسول الله (ص) يقول: