ويخاصم في دين وجب بعقده بلا خلاف، لا فيما وجب بعقد المفقود، ولا في نصيب له في عقار أو عرض في يد رجل، ولا في حق من الحقوق إذ جحده من هو عنده أو عليه لأنه ليس بمالك ولا نائب عنه وإنما هو وكيل من جهة القاضي وهو لا يملك الخصومة بلا خلاف. قوله: (ويقوم عليه) أعم مما قبله لأنه يشمل الحفظ وغيره كحصاد ودياس مثلا. قوله: (عند الحاجة الخ) متعلق بقوله: ونصب القاضي وهذا بحث ذكره في البحر، أصله أنه إنما ينصب إذا لم يكن له وكيل في الحفظ أقامه الغائب قبل فقده، لأنه لا ينعزل بفقده، لما في التجنيس: جعل داره بيد رجل ليعمرها أو دفع ماله ليحفظه وفقد الدافع فله الحفظ لا التعمير إلا بإذن الحاكم، لأنه لعله مات ولا يكون الرجل وصيا اه. وأجاب في النهر بأن الظاهر أنه: أي وكيل المفقود لا يملك قبض ديونه التي أقر بها غرماؤه ولا غلاته، وحينئذ فيحتاج إلى النصب، وكأن هذا هو السر في إطلاقهم نصب الوكيل اه.
قلت: وفيه نظر، لان مراد البحر أن القاضي إنما ينصب له من يأخذ حقه ويحفظ ماله إذا لم يكن له وكيل في ذلك، لان وكيله لا ينعزل بفقده، وقول النهر: الظاهر أنه لا يملك قبض ديونه الخ غير مسلم إلا بنقل صريح، لأنه إذا لم ينعزل وقد وكله بذلك فما المانع له منه؟ فلذا والله أعلم لم يعول الشارح على كلامه. قوله: (ليس بخصم فيما يدعي على المفقود) ولا فيما يدعي له كما علمته. قال في البحر: وكذا ليس للورثة ما ذكر لأنهم يرثونه بعد موته ولم يثبت. ثم نقل عن البزازية: ما ت عن ابنين أحدهما مفقود فزعم ورثة المفقود أنه حي وله الميراث والابن الآخر بزعم موته لا خصومة بينهما، لان ورثة المفقود اعترفوا أنه لا حق لهم في التركة فكيف يخاصمون عمهم اه. لان اعترافهم بحياته اعتراف بأن الحق له. قوله: (ونحوه) أي نحو ما ذكر من رد بعيب أو مطالبة لاستحقاق. بحر. قوله: (بلا خلاف) لما فيه من تضمن الحكم على الغائب وإنما الخلاف المعروف بينهم فيمن وكله المالك بقبض الدين هل يملك الخصومة أم لا؟ فعنده يملكها وعندهما: لا اه ح عن الزيلعي.
مطلب: قضاء القاضي ثلاثة أقسام قوله: (لم ينفذ) اعلم أن قضاء القاضي ثلاثة أقسام: قسم يرد بكل حال، وهو ما خالف النص أو الاجماع. وقسم يمضي بكل حال، حتى لو رفع إلى قاض آخر لا يراه نفذه وأمضاه ولا يبطله، وهو ما يكون الخلاف فيه لا في نفس القضاء بل في سببه. وأمثلته كثيرة: منها لو قضى شافعي بشهادة المحدودين بعد التوبة أو قضى لامرأة بشهادة زوجها وأجنبي نفذ، ولو رفع إلى حنفي لزمه تنفيذه لان الاختلاف في سبب القضاء، وهو أن شهادة هؤلاء هل تصير حجة للحكم أم لا، أما نفسه الحكم فلا اختلاف فيه. والقسم الثالث: الحكم المجتهد فيه، وهو ما يقع الخلاف فيه في نفس الحكم، فقيل ينفذ أيضا، وقيل لا ينفذ إلا إذا نفذه قاض آخر، فإذا نفذه الثاني نفذ، حتى لو