يعجزوا عنها، لكنهم تكاسلوا ولم يجاهدوا، فإنه يفترض على من يليهم فرض عين كالصلاة والصوم، لا يسعهم تركه ثم وثم إلى أن يفترض على جميع أهل الاسلام شرقا وغربا على هذا التدريج، ونظيره الصلاة على الميت، فإن من مات في ناحية من نواحي البلد فعلى جيرانه وأهل محلته أن يقوموا بأسبابه وليس على من كان يبعد من الميت أن يقوم بذلك، وإن كان الذي يبعد من الميت يعلم أن أهل محلته يضيعون حقوقه أو يعجزون عنه كان عليه أن يقوم بحقوقه، كذا هنا اه.
مطلب: طاعة الوالدين فرض عين قوله: (لا يفرض على صبي) في الذخيرة للأب أن يأذن للمراهق بالقتال، وإن خاف عليه القتل.
وقال السعدي: لا بد أنه لا يخاف عليه، فإن خاف قتله لم يأذن له. نهر. قوله: (وبالغ له أبوان) مفاده أنهما لا يأثمان في منعه، وإلا لكان له الخروج حتى يبطل عنهما الاثم، مع أنهما في سعة من منعه إذا كان يدخلهما من ذلك مشقة شديدة، وشمل الكافرين أيضا أو أحدهما إذا كره خروجه مخافة ومشقة، وإلا بل لكراهة قتال أهل دينه، فلا يطيعه ما لم يخف عليه الضيعة، إذ لو كان معسرا محتاجا إلى خدمته فرضت عليه ولو كافرا، وليس من الصواب ترك فرض عين ليتوصل إلى فرض كفاية، ولو مات أبواه فأذن له جده لأبيه وجدته لامه ولم يأذن له الآخران: أي أبو الأم وأم الأب فلا بأس بخروجه لقيام أب الأب وأم الام مقام الأب والام عند فقدهما، والآخران كباقي الأجانب إلا إذا عدم الأولان.
فالمستحب: أن لا يخرج إلا بإذنهما، ولو لم أم أم وأم أب، فالاذن لام الام بدليل تقدمها في الحضانة، ولان الأخرى لا تقوم مقام الأب، ولو له أب وأم أ أأدخل لا ينبغي الخروج بلا إذنها لأنها كالأم لان حق الحضانة لها، وأما غير هؤلاء كالزوجة والأولاد والأخوات والأعمام فإنه يخرج بلا إذنهم، إلا إذا كانت نفقتهم واجبة عليهم وخاف عليهم الضيعة اه. ملخصا من شرح السير الكبير. قوله: (لان طاعتهما فرض عين) أي والجهاد لم يتعين فكان مراعاة فرض العين أولى، كما في التجنيس، وأخذ منه في البحر كراهة الخروج بلا إذنهما، واعترض على قول الفتح: إنه يحرم.
قلت: وفيه نظر، فإن الأولى هنا بمعنى الأقوى والأرجح: أي إن الأقوى مراعاة فرض العين لقوته ورجحانه على فرض الكفاية، فحيث ثبت أنه فرض كان خلافه حراما، ولذا قال السرخسي:
فعليه أن يقدم الأقوى، نعم قدمنا آنفا عنه في الجد والجدة الفاسدين أن المستحب أن لا يخرج إلا بإذنهما. قوله: (وقال عليه الصلاة والسلام الخ) دليل آخر على تقديم الوالدين، وقدمنا الحديث المتفق عليه وفيه تقديم برهما على الجهاد، وفي صحيح البخاري في الرجل الذي جاء يستأذن النبي (ص) في الجهاد قال: أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد وذكر بعضهم أن ذلك الرجل هو جاهمة بن عباس بن مرداس ثم رأيت في شرح سير الكبير قال: وذكر عن ابن عباس بن مرداس أنه قال: يا رسول الله إني أريد الجهاد، قال: ألك أم؟ قال: نعم، قال: الزم أمك الخ.
قوله: (تحت رجل أمك) هو في معنى حديث الجنة تحت أقدام الأمهات ولعل المراد منه والله تعالى أعلم تقبيل رجلها، أو هو كناية عن التواضع لها وأطلقت الجنة على سبب دخولها. قوله: (فيه خطر) كالجهاد وسفر البحر والخطر بالخاء المعجمة والطاء المهملة المفتوحتين الاشراف على