يوجب الحد بل التعزير. قوله: (ويبالغ في تعزيره) أي فيما إذا عرف بالدياثة، وقوله: " أو بلا عن " أي فيما إذا أقر بها، ففيه لف ونشر مشوش كما تفيده عبارة المنح عن جواهر الفتاوى، لأنه إذا لاعن لا يحتاج إلى التعزير، وإذا أكذب نفسه يلزمه الحد كما في الجواهر أيضا. واعترض بأن الديوث من لا يغار على أهل أو محرمه، فهو ليس بصريح الزنا فكيف الزنا فكيف يجب اللعان بإقراره بالدياثة؟.
قلت: الظاهر أن المراد إقراره بمعناها لا بلفظها. أي بأن قال كنت أدخل الرجال على زوجتي يزنون بها. قوله (تلزمه كفارة يمين) لأنه علق رجوعه على الكفر فينعقد يمينا كما مر في بابه، وأشار إلى أنه لا يصير كافرا برجوعه، لكن هذا إذا علم أنه برجوعه لا يصير كافرا، وإلا كفر لرضاه بالكفر كما مر في محله، وإلى أنه لا يلزمه كفارة في المسألة الأولى لأنه ليس كل رافضي كافرا كما مر، فلم يكن تعليقا على الكفر. قوله: (لظهور كذبه) أي يقينا كما في الهداية.
وفي البحر عن الحاوي القدسي: الأصل أن كل سب عاد شينه إلى الساب فإنه لا يعزر، فإن عاد الشين فيه إلى المسبوب عزر اه. وإنما يعود شينه إلى الساب لظهور كذبه. قوله: (واستحسن الهداية: وقيل في عرفنا لأنه بعد شينا. وقيل إن كان المسبوب من الاشراف كالفقهاء والعلوية يعزر لأنه يلحقهم الوحشة بذلك، وإن كان من العامة لا يعزر، وهذا أحسن اه.
والحاصل أن ظاهر الرواية أنه لا يعزر مطلقا، ومختار الهنداني أنه يعزر مطلقا، والتفصيل المذكور كما في الفتح وغيره. قال السيد أبو السعود: وقوي شيخنا ما اختاره الهندواني بأنه الموافق للضابط: كل من ارتكب منكرا أو آذى مسلما بغير حق بقول أو بعفل أو إشارة يلزمه التعزير.
قلت: ويؤيده الألفاظ لا يقصد بها حقيقة اللفظ حتى يقال بظهور كذبه، ولولا النظر إلى ما فيها من الأذى لما قيل بالتعزير بها في حق الأشراف، وإلا فظهور الكذب فيها موجود في حق الكل، فينبغي أن يلحق بهم من كان في معناهم ممن يحصل له بذلك الأذى والوحشة، بل كثير من أصحاب الأنفس الأبية يحصل له من الوحشة أكثر من الفقهاء والعلوية. وقد يجاب بأن المراد بالأشراف من كان كريم النفس حسن الطبع، وذكر الفقهاء والعلوية لأن الغالب فيهم ذلك، فمن كان بهذه الصفة يلحقه الشين بهذه الألفاظ المراد لازمنها من نحو البلادة وخبث الطباع، وإلا فلا، لأنه هو الذي الحق الشين بنفسه فلا يعتبر لحوق الوحشة به، كما لو قيل لفاسق يا فاسق، فيرجع إلى ما استحسنه في الهداية وغيرها. ثم رأيت الشارح في الشارح في شرح الملتقى قال: ولعل المراد بالعلوي كل منق، وإلا بالتخصيص عير ظاهر، بل قال الفقيه أبو جعفر: إنه في الأخسة، أما في الأشراف فالتعزير. اه. فافهم.