الذين يحفظون السواحل، والمرابطون في الثغور أو أعم، فافهم. قوله: (ورزق المقاتلة) الرزق بالكسر اسم من الرزق بالفتح: ما ينتفع به. قاموس. وقال الراغب: الرزق يقال للعطاء الجاري دينيا كان أو دنيويا، وللنصيب، ولما يصل إلى الجوف ويتغذى به. قهستاني ط. قوله: (أي ذراري من ذكر الخ) لان العلة تعم الكل كما صرح به القهستاني ومن له مسكين وغيرهما، وعبارة الهداية والكافي توهم تخصيصهم بالمقاتلة، وبه صرح شارح المجمع. قال في الشرنبلالية: قال في البحر: وليس كذلك، وتبعه في المنح. در. منتقى. وفسر الذراري في شرح درر البحار بالزوجة والأولاد.
مطلب: من له استحقاق في بيت المال يعطى ولده من بعده قوله: (لم أره) نقل الشيخ عيسى السفطي في رسالته ما نصه: قال أبو يوسف في كتاب الخراج: إن من كان مستحقا في بيت المال وفرض له استحقاقه فيه فإنه يفرض لذريته أيضا تبعا له، ولا يسقط بموته. وقال صاحب الحاوي: الفتوى على أنه يفرض لذراري العلماء، والفقهاء والمقاتلة، ومن كان مستحقا في بيت المال لا يسقط ما فرض لذراريهم بموتهم اه ط.
قلت: لكن قول المتون الآتي ومن مات في نصف الحول حرم من العطاء ينافي ذلك، إلا أن يجاب بأن ما يجري على الذراري عطاء مستقل خاص بالذراري لا عطاء الميت بطريق الإرث بين جميع الورثة. تأمل. لكن ما مر عن الحاوي لم أره في الحاوي القدسي، ولا في الحاوي الزاهدي، وراجعت مواضع كثيرة من كتاب الخراج فلم أره فيه، والله أعلم. نعم قال الحموي في رسالته:
وقد ذكر علماؤنا أنه يفرض لأولادهم تبعا ولا يسقط بموت الأصل ترغيبا اه. وذكر العامة المقدسي أن إعطاءهم بالأولى لشدة احتياجهم، سيما إذا كانوا يجتهدون في سلوك طريق آبائهم اه.
مطلب: من له وظيفة توجه لولده من بعده ونقل العلامة البيري عن الخزانة عن مبسوط فخر الاسلام: إذا مات من له وظيفة في بيت المال لحق الشرع وإعزاز الاسلام كأجر الإمامة والتأذين وغير ذلك مما فيه صلاح الاسلام والمسلمين وللميت أبناء يراعون ويقيمون حق الشرع وإعزاز الاسلام كما يراعي ويقيم الأب فللامام أن يعطي وظيفة الأب لأبناء الميت لا لغيرهم، لحصول مقصود الشرع، وانجبار كسر قبولهم اه.
مطلب: تحقيق مهم في توجيه الوظائف للابن قال البيري أقول: هذا مؤيد لما هو عرف الحرمين الشريفين ومصر والروم من غير نكير من إبقاء أبناء الميت ولو كانوا صغارا على وظائف آبائهم مطلقا من إمامة وخطابة وغير ذلك عرفا مرضيا لي لان فيه إحياء خلف العلماء ومساعدتهم على بذل الجهد في الاشتغال بالعلم، وقد أفتى بجواز ذلك طائفة من أكابر الفضلاء الذين يعول على إفتائهم اه.
قلت: ومقتضاه تخصيص ذلك بالذكور دون الإناث، وأنت خبير بأن الحكم يدور مع علته، فإن العلة هي إحياء خلف العلماء ومساعدتهم على تحصيل العلم، فإذا اتبع الابن طريقة والده في الاشتغال في العلم، فذلك ظاهر، أما إذا أهمل ذلك واشتغل باللهو واللعب أو في أمور الدنيا جاهلا غافلا معطلا للوظائف المذكورة، أو ينيب غيره من أهل العلم بشئ قليل ويصرف باقي ذلك في شهواته، فإنه لا يحل لما فيه من أخذ وظائف العلماء وتركهم بلا شئ يستعينون به على العلم كما