مطلب في أحكام الكنائس والبيع قوله: (ولا يجوز أن يحدث) بضم الياء وكسر الدال وفاعله الكافر ومفعوله بيعة كما يقتضى قول الشارح، ولا صنما. وفي نسخة ولا يحدثوا أي أهل الذمة اه. ح. ومن الاحداث نقلها إلى غير موضعها كما في البحر وغيره. ط. قوله: (بيعة) بالكسر معبد النصارى واليهود، كذلك الكنيسة، إلا أنه غلب البيعة على معبد النصارى، والكنيسة على اليهود. قهستاني. وفي النهر وغيره: وأهل مصر يطلقون الكنيسة على متعبدهما، ويخصان اسم الدير بمعبد النصارى.
قلت: وكذا أهل الشام. در. منتقى. والصومعة بيت يبنى برأس طويل ليتعبد فيه بالانقطاع عن الناس بحر. قوله: (ولا مقبرة) عزاه المصنف إلى الخلاصة، ثم ذكر ما يخالفه عن جواهر الفتاوى، ثم قال: والظاهر الأول، ومن ثم عولنا عليه في المختصر.
مطلب: لا يجوز إحداث كنيسة في القرى، ومن أفتى بالجواز فهو مخطئ، ويحجر عليه قوله: (ولو قرية في المختار) نقل تصحيحه في الفتح عن شرح شمس الأئمة السرخسي في الإجارات، ثم قال: إنه المختار، وفي الوهبانية: إنه الصحيح من المذهب الذي عليه المحققون، إلى أن قال: فقد علم أنه لا يحل الافتاء بالاحداث في القرى لاحد من أهل زماننا بعدما ذكرنا من التصحيح، والاختيار للفتوى وأخذ عامة المشايخ، ولا يلتفت إلى فتوى من أفتى بما يخالف هذا، ولا يحل العمل به ولا الاخذ بفتواه، ويحجر عليه في الفتوى، ويمنع، لان ذلك منه مجرد اتباع هوى النفس، وهو حرام، لأنه ليس له قوة الترجيح، لو كان الكلام مطلقا، فكيف مع وجود النقل بالترجيح والفتوى، فتنبه لذلك، والله الموفق.
مطلب: تهدم الكنائس من جزيرة العرب ولا يمكنون من سكناها قال في النهر: والخلاف في غير جزيرة العرب، أما هي فيمنعون من قراها أيضا لخبر لا يجتمع دينان في جزيرة العرب اه.
قلت: الكلام في الاحداث مع أن أرض العرب لا تقر فيها كنيسة ولو قديمة فضلا عن إحداثها، لأنهم لا يمكنون من السكنى بها للحديث المذكور، كما يأتي، وقد بسطه في الفتح وشرح السير الكبير، وتقدم تحديد جزيرة العرب أول الباب المار.
مطلب في بيان أن الأمصار ثلاثة، وبيان إحداث الكنائس فيها تنبيه: في الفتح: قيل الأمصار ثلاثة: ما مصره المسلمون: كالكوفة، والبصرة وبغداد، وواسط، ولا يجوز فيه إحداث ذلك إجماعا. وما فتحه المسلمون عنوة فهو كذلك، وما فتحوه صلحا، فإن وقع على أن الأرض لهم جاز الاحداث، وإلا فلا إلا إذا شرطوا الاحداث اه.
ملخصا. وعليه فقوله: ولا يجوز أن يحدثوا، مقيد بما إذا لم يقع الصلح على أن الأرض لهم أو على الاحداث، لكن ظاهر الرواية أنه لا استثناء فيه كما في البحر والنهر.
قلت: لكن إذا صالحهم على أن الأرض لهم فلهم الاحداث، لا إذا صار مصرا للمسلمين بعد: فإنهم يمنعون من الاحداث بعد ذلك، ثم لو تحول المسلمون من ذلك المصر إلا نفرا يسيرا فلهم الاحداث أيضا، فلو رجع المسلمون إليه لم يهدموا ما أحدث قبل عودهم كما في شرح السير