وإن كان لعينه: فإن كان دليله قطعيا كفر، ولا فلا. وقيل التفصيل في العالم، أما الجاهل فلا يفرق بين الحرام لعينه ولغيره، وإنما الفرق في حقه أن ما كان قطعيا كفر به. وإلا فلا يكفر إذا قال:
الخمر ليس بحرام، وتمامه فيه. قوله: (بل أفردت بالتأليف) من أحسن ما ألف فيها ما ذكره في آخر نور العين، وهو تأليف مستقل، ومن ذلك كتاب الاعلام في قواطع الاسلام لابن حجر المكي، ذكر فيه المكفرات عند الحنفية والشافعية وحقق فيه المقام، وقد ذكر في البحر جملة من المكفرات.
مطلب: ما يشك أنه ردة لا يحكم بها قوله: (قال في البحر الخ) سبب ذلك ما ذكره قبله بقوله وفي: جامع الفصولين روى الطحاوي من أصحابنا: لا يخرج الرجل من الايمان إلا جحود ما أدخله فيه، ثم ما تيقن أنه ردة يحكم بها، وما يشك أنه ردة لا يحكم بها، إذ الاسلام الثابت لا يزول بالشك مع أن الاسلام يعلو، وينبغي للعالم إذا رفع إليه هذا أن لا يبادر بتكفير أهل الاسلام مع أنه يقضي بصحة إسلام المكره.
أقول: قدمت هذا ليصير ميزانا فيما نقلته في هذا الفصل من المسائل، فإنه قد ذكر في بعضها: أنه كفر، مع أنه لا يكفر على قياس هذه المقدمة، فليتأمل اه. ما في جامع الفصولين.
وفي الفتاوى الصغرى: الكفر شئ عظيم فلا أجعل المؤمن كافرا متى وجدت رواية أنه لا يكفر اه.
وفي الخلاصة وغيرها: إذا كان في المسألة وجوه توجب التكفير ووجه واحد يمنعه، فعلى المفتي أن يميل إلى الوجه الذي يمنع التكفير تحسينا للظن بالمسلم. زاد في البزازية: إلا إذا صرح بإرادة موجب الكفر فلا ينفعه التأويل ح. وفي التتارخانية: لا يكفر بالمحتمل، لان الكفر نهاية في العقوبة فيستدعي نهاية في الجناية ومع الاحتمال لا نهاية اه. والذي تحرر أنه لا يفتي بكفر مسلم أمكن حمل كلامه على مجمع حسن، أو كان في كفره اختلاف ولو رواية ضعيفة، فعلى هذا فأكثر ألفاظ التكفير المذكورة لا يفتي بالتكفير فيها، وقد ألزمت نفسي أن لا أفتي بشئ منها اه. كلام البحر باختصار.
قوله: (والطوع) أي الاختيار احترازا عن الاكراه، ودخل فيه الهازل كما مر، لأنه يعد مستخفا لتعمده التلفظ به، وإن لم يقصد معناه. وفي البحر عن الجامع الصغير: إذا أطلق الرجل كلمة الكفر عمدا لكنه لم يعتقد الكفر: قال بعض أصحابنا: لا يكفر لان الكفر يتعلق بالضمير ولم يعقد الضمير على الكفر، وقال بعضهم: يكفر، وهو الصحيح عندي لأنه استخف بدينه اه.
ثم قال في البحر والحاصل أن من تكلم بكلمة الكفر هازلا أو لاعبا كفر عند الكل، ولا اعتبار باعتقاده كما صرح به في الخانية، ومن تكلم بها مخطئا أو مكرها لا يكفر عند الكل، ومن تكلم بها عامدا عالما كفر عند الكل، ومن تكلم بها اختيارا جاهلا بأنها كفر ففيه اختلاف اه. قوله:
(ومعتوه) عزاه في نهر إلى السراج، وهو الناقص العقل، وقيل المدهوش من غير جنون، كذا في المغرب. وفي أحكامات الأشباه أن حكمه حكم الصبي العاقل، فتصح العبادات منه ولا تجب وقيل هو كالمجنون، وقيل كالبالغ العاقل اه.