لا يصير زنديقا بهذا المعنى. قوله: (وهو الذي ينبغي التعويل عليه) قلت: الذي ينبغي التعويل عليه ما نص عليه أهل المذهب فإن اتباعنا له واجب ط. قوله: (رعاية لجانب حضرة المصطفى (ص)) أقول رعاية جانبه في اتباع ما ثبت عنه عند المجتهد. قوله: (لكن في النهر الخ) قال السيد الحموي في حاشية الأشباه: حكي عن عمر بن نجيم أن أخاه أفتى بذلك، فطلب منه النقل فلم يوجد إلا على طرة الجوهرة، وذلك بعد حرق الرجل اه.
مطلب مهم: في حكم سب الشيخين وأقول: على فرض ثبوت ذلك في عامة نسخ الجوهرة لا وجه له يظهر، لما قدمناه من قبول توبة من سب الأنبياء عندنا، خلافا للمالكية والحنابلة، وإذا كان كذلك فلا وجه للقول بعدم قبول توبة من سب الشيخين بل، لم يثبت ذلك عن أحد من الأئمة فيما أعلم اه. ونقله عنه السيد أبو السعود الأزهري في حاشية الأشباه اه.
أقول: نعم نقل في البزازية عن الخلاصة أن الرافضي إذا كان يسب الشيخين ويلعنهما فهو كافر، وإن كان يفضل عليا عليهما فهو مبتدع اه. وهذا لا يستلزم عدم قبول التوبة. على أن الحكم عليه بالكفر مشكل لما في الاختيار: اتفق الأئمة على تضليل أهل البدع أجمع وتخطئتهم، وسب أحد من الصحابة وبغضه لا يكون كفرا، لكن يضلل الخ. وذكر في فتح القدير أن الخوارج الذين يستحلون دماء المسلمين وأموالهم ويكفرون الصحابة حكمهم عند جمهور الفقهاء وأهل الحديث حكم البغاة. وذهب بعض أهل الحديث إلى أنهم مرتدون. قال ابن المنذر: ولا أعلم أحدا وافق أهل الحديث على تكفيرهم، وهذا يقتضي نقل إجماع الفقهاء. وذكر في المحيط أن بعض الفقهاء لا يكفر أحدا من أهل البدع. وبعضهم يكفرون البعض، وهو من خالف ببدعته دليلا قطعيا ونسبه إلى أكثر أهل السنة، والنقل الأول أثبت، وابن المنذر أعرف بنقل كلام المجتهدين، نعم يقع في كلام أهل المذهب تكفير كثير، ولكن ليس من كلام الفقهاء الذين هم المجتهدون بل من غيرهم، ولا عبرة بغير الفقهاء، والمنقول عن المجتهدين ما ذكرنا اه. ومما يزيد ذلك وضوحا ما صرحوا به في كتبهم متونا وشروحا من قولهم: ولا تقبل شهادة من يظهر سب السلف وتقبل شهادة أهل الأهواء، إلا الخطابية. وقال ابن ملك في شرح الجمع: وترد شهادة من يظهر سب السلف لأنه يكون ظاهر الفسق، وتقبل من أهل الأهواء الجبر والقدر والرفض والخوارج (1) والتشبيه، والتعطيل اه. وقال الزيلعي: أو يظهر سب السلف: يعني الصالحين منهم وهم الصحابة والتابعون، لأن هذه الأشياء تدل على قصور عقله وقلة مروءته، ومن لم يمتنع عن مثلها لا يمتنع عن الكذب عادة، بخلاف ما