قلت: وأما حد القذف ففيه تفصيل سيأتي في آخر الباب الآتي. قوله: (ثم أخذ الخ) أقحم الشارح هذه المسألة بين كلامي المصنف إشارة إلى أن استئناف الحد للشرب الثاني لا يتقيد بما إذا أقيم عليه بعض الحد، فحول العبارة عن أصلها وكملها بما يناسبها، وأتى بلو في قوله ولو شرب الخ ليجعله مسألة مستأنفة، ولا يخفى ما فيه من حسن الصناعة. قوله: (لما مر الخ) أي في أثناء الباب السابق: وقال في الهداية هناك: إن التقادم كما يمنع قبول الشهادة في الابتداء يمنع الإقامة بعد القضاء، حتى لو هرب بعد ما ضر أأدخل بعض الحد ثم أخذ بعد ما تقادم الزمان لم يحد، لان الامضاء من القضاء في باب الحدود.
قلت: لكن هذا ظاهر في حد الزنا والسرقة، فإن التقادم مقدر فيهما بشهر كما مر، أما في الشرب فإنه مقدر عندهما بزوال الرائحة، وعند محمد بشهر أيضا والمعتمد قولهما كما مر، وقيام الرائحة إنما يشترط عند الاقرار أو عند الرفع إلى الحاكم، إلا لبعد المسافة، ولا يحد إلا بعد الصحو كما مر، ولم يشترطوا قيام الرائحة عند إقامة الحد، بل الصحو مظنة زوالها، فإذا كان عدم إكمال الحد بسبب زوال الرائحة على قولهما يلزم أن لا يقام عليه الحد إلا مع قيام الرائحة، ولم نر من قال بذلك. فالظاهر أن هذا تفريع على قول محمد فقط، ولا يصح أن يقال: إنه مفرع على قولهما أيضا بأن تفرض المسألة فيما إذا أقر بالشرب فهرب، لان التقادم يبطل الاقرار عندهما كما تقدم لرجوع المحذور، فإنه يلزم عليه أن المقر لا يحد إلا إذا بقيت الرائحة موجودة، وإن لم يرجع عن إقراره الصادر عند قيام الرائحة. وأيضا فالهرب رجوع عن الاقرار فلا حاجة معه إلى التقادم، هذا ما ظهر لي، فتأمله. قوله: (ولو شرب أو زنى ثانيا) أي قبل إكمال الحد كما هو صورة المتن أو قبل إقامة شئ منه. ففي الصورتين يحد حدا كاملا بعد الفعل الأخير، ويدخل ما بقي من الأول في الثاني، بخلاف ما إذا أقيم عليه حد الشرب فشرب ثانيا، أو حد الزنا فزنى ثانيا فإنه يحد للثاني، حدا آخر، وبخلاف ما إذا اختلف الجنس، وسيجئ تمام الكلام على ذلك في باب القذف. قوله: (وإلا لا) أي لا يضمن لان فعلها غير مضاف إليه. قوله: (مصنف عمادية) أي نقله المصنف عن العمادية ح.
باب حد القذف قوله: (وشرعا الرمي بالزنا) الأولى ما في العناية من أنه نسبة المحصن إلى الزنا صريحا أو دلالة، إذ الحد إنما هو في المحصن. نهر.
قلت: لكن الاحصان شرط الحد، وله شروط أخر ستذكر، والكلام في الحقيقة الشرعية المشروطة بما يأتي. وينبغي أن يقيد أيضا بكونه على سبيل التعبير والشتم ليخرج شهادة الزنا.
قوله: (لكن في النهر الخ) عزاه في النهر إلى الحليمي من الشافعية معللا بأن الايذاء في قذف هؤلاء