فعبدي حر وقال لعبده إن حلفن بعتقك فامرأتي طالق فإن عبده يعتق لأنه قد حلف بطلاق امرأته، ولو قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق وكرره ثلاثا طلقت ثنتين باليمين الأولى والثانية لو دخل بها، وإلا فواحدة. قوله: (شرطها الاسلام والتكليف) قال في النهر: وشرطها كون الحالف مكلفا مسلما، وفسر في الحواشي السعدية التكليف بالاسلام والعقل والبلوغ، وعزاه إلى البدائع وما قلناه أولى اه. وجه الأولوية أن الكافر على الصحيح مكلف بالفروع والأصول كما حقق في الأصول فلا يخرج بالتكليف.
واعلم أن اشتراط الاسلام إنما يناسب اليمين بالله تعالى واليمين بالقرب نحو إن فعلت كذا فعلي صلاة وأما اليمين بغير القرب نحو إن فعلت كذا فأنت طالق فلا يشترط له الاسلام كما لا يخفي ح.
مطلب في يمين الكافر والحاصل أنه شرط لليمين الموجبة لعبادة من كفارة أو نحو صلاة وصوم في يمين التعليق، وسيذكر المصنف أنه لا كفارة بيمين كافر ون حنث مسلما وأن الكفر يبطلها، فلو حلف مسلما ثم ارتد ثم أسلم ثم حنث فلا كفارة اه. وحينئذ فالاسلام شرط انعقادها وشرط بقائها. وأما تحليف القاضي له فهو يمين صورة رجاء نكوله كما يأتي، ومقتضى هذا أنه لا إثم عليه في الحنث بعد اسلامه ولا في ترك الكفارة، وكذا في حال كفره بالأولى على القول بتكليفه بالفروع. فما قيل من أن يمين الكافر منعقدة لغير الكفارة وأن مشرط الاسلام نظر إلى حكمها فهو غير ظاهر، فافهم.
ويشترط خلوها عن الاستثناء بنحو إن شاء الله أو إلا أن يبدو لي غير هذا أو إلا أن أرى أو أحب كما في ط عن الهندية. قال في البحر: ومن زاد الحرية كالشمني فقد سها، لان العبد ينعقد يمينه ويكفر بالصوم كما صرحوا به اه.
قلت: يشترط أيضا عدم الفاصل من سكوت ونحوه. ففي البزازية: أخذه الوالي وقال قل بالله فقال مثله، ثم قال لتأتين يوم الجمعة فقال الرجل مثله فلم يأت لا يحنث، لأنه بالحكاية والسكوت صار فاصلا بين اسم الله تعالى وحلفه اه. وفي الصيرفية: لو قال علي عهد الله وعهد الرسول لا أفعل كذا لا يصح، لان عهد الرسول صار فاصلا اه: أي لأنه ليس قسما بخلاف عهد الله، قوله:
(وإمكان البر أصلا والكفارة خلفا) كما في الدر المنتقى، وأنت خبير بأن الكفارة حاصة باليمين بالله تعالى ح، وأراد البر وجودا وعدما، فإنه يجب فيما إذا حلف على طاعة، ويحرم فيما إذا حلف على معصية، ويندب فيما إذا كان عدم المحلف عليه جائزا، وفيه زيادة تفصيل سيأتي.
مطلب في حكم الحلف بغيره تعالى قوله: (وهل يكره الحلف بغير الله تعالى الخ) قال الزيلعي: واليمين بغير الله تعالى أيضا مشروع، وهو تعليق الجزاء بالشرط، وهو ليس بيمين وضعا، وإنما سمي يمينا عند الفقهاء لحصول معنى اليمين بالله تعالى وهو الحمل أو المنع، واليمين بالله تعالى لا يكره، وتقليله أولى من تكثيره، واليمين بغيره مكروهة عند البعض للنهي الوارد فيها، وعند عامتهم: لا تكره لأنها يحصل بها الوثيقة لا سيما في زماننا، وما روي من النهي محمول على الحلف بغير الله تعالى على وجه الوثيقة كقولهم وأبيك ولعمري اه. ونحوه في