المسألتين. قوله: (ونقل العيني) حيث قال: وفي رواية مذكورة في واقعات حسام أن أهل الذمة إذا امتنعوا عن أداء الجزية ينتقض العهد، ويقاتلون، وهو قول الثلاثة اه. ولا يخف ضعفها رواية ودراية. بحر.
قلت: أما وجه الضعف رواية فلانه خلاف الرواية المشهورة في المذهب المنصوصة في المتون وغيرها وأما الدراية أي الضعف من حيث المعنى، فلما علمت من بقاء الالتزام الدافع للقتل فتؤخذ منهم جبرا، ويمكن تأويل ما في الواقعات بما إذا كانوا جماعة تغلبوا على موضع هو بلدهم أو غيرها وأظهروا العصيان والمحاربة، فإنها حينئذ لا يمكن أخذها منهم إلا بالقتال. تأمل. قوله: (ولا بالزنا بمسلمة) بل يقام عليه موجبه، وهو الحد، وكذا لو نكحها لا ينقض عهده، والنكاح باطل، ولو أسلم بعده ويعزران وكذا الساعي بينهما. بحر. قوله: (وإفتان مسلم) مصدر أفتن الرباعي اه ح.
قلت: لكن الذي رأيناه في النسخ افتتان بتاءين، وفي المصباح: فتن المال الناس من باب ضرب: استمالهم، وفتن في دينه وافتتن أيضا بالبناء للمفعول: مال عنه اه. ومقتضاه (1): أن الافتتان متعد لا لازم. تأمل.
مطلب في حكم سب الذمي النبي (ص) قوله: (وسب النبي (ص)) أي إذا لم يعلن، فلو أعلن بشتمه أو اعتاده قتل، ولو امرأة وبه يفتى اليوم. در. منتقى. وهذا حاصل ما سيذكره الشارح هنا، وقيده الخير الرملي بقيد آخر حيث قال:
أقول هذا إن لم يشترط انتقاضه به، أما إذا شرط انتقض به كما هو ظاهر اه.
قلت: وقد ذكر الإمام أبو يوسف في كتاب الخراج في صلح أبي عبيدة، مع أهل الشام أنه صالحهم، واشترط عليهم حين دخلها على أن يترك كنائسهم، وبيعهم على أن لا يحدثوا بناء بيعة، ولا كنيسة، وأن لا يشتموا مسلما، ولا يضربوه الخ، وذكر العلامة قاسم من رواية الخلال والبيهقي وغيرهما كتاب العهد وفى آخره: فلما أتيت عمر بن الخطاب بالكتاب زاد. فيه: وأن لا نضرب أحدا من المسلمين شرطنا لهم ذلك علينا، وعلى أهل ملتنا وقبلنا عنهم الأمان، فإن نحن خالفنا شيئا مما شرطناه لكم وضمناه على أنفسنا فلا ذمة لنا، وقد حل لكم منا ما يحل لكم من أهل المعاندة والشقاق. وفي رواية الخلال: فكتب عمر أن أمض لها ما سألوه، وألحق فيه حرفين اشترطهما عليهم مع ما شرطوا على أنفسهم: أن لا يشتروا شيئا من سبايانا، ومن ضرب مسلما عمدا فقد خلع عهده اه. وقد ذكر الشرنبلالي في رسالته كتاب العهد بتمامه، ثم قال: وقد اعتمد الفقهاء ذلك من كل مذهب كما نقله القاضي بدر الدين القرافي اه. ثم ذكر الشرنبلالي أنه انتقض عهدهم بإحداث ذلك الدير: أي الذي أحدثوه في زمنه، وألف فيه الرسالة المذكورة، ثم قال بعد ذكره ما ألحقه عمر رضي الله تعالى عنه: إن هذا دليل لما قاله الكمال بن الهمام من نقض العهد بتمردهم واستعلائهم على المسلمين.