بمعنى أنه لا يضمن ولا يلزم من ذلك حله لرب الأرض. وفي القنية: ويعذر في صرفه إلى نفسه إن كان مصرفا كالمفتي والمجاهد والمعلم والمتعلم والذاكر والواعظ عن علم، ولا يجوز لغيرهم، وكذا إذا ترك عمال السلطان الخراج لاحد بدون علمه اه. قوله: (خلاف المشهور) أي مخالف لما نقله العامة عن أبي يوسف: نهر. قوله: (لا يجوز إجماعا) لعل وجهه أن العشر مصرفه مصرف الزكاة، لأنه زكاة الخارج، ولا يكون الانسان مصرفا لزكاة نفسه، بخلاف الخراج، فإنه ليس زكاة ولذا يوضع على أرض الكافر هذا ما ظهر لي. تأمل. قوله: (معزيا للبزازية) وذلك حيث قال: وفي البزازية:
السلطان إذا ترك العشر لمن هو عليه جاز، غنيا كان أو فقيرا، لكن إن كان المتروك له فقيرا فلا ضمان على السلطان، وإن كان غنيا ضمن السلطان العشر للفقراء من بيت مال الخراج لبيت مال الصدقة اه.
قلت: وينبغي حمله على ما إذا كان الغني من مستحقي الخراج، وإلا فينبغي أن يضمن السلطان ذلك من ماله. تأمل. وقدمنا في باب العشر عن الذخيرة مثل ما في البزازية. وقال في الدر المنتقى: ثم رأيت في البرجندي في بيان مصرف الجزية، وكذا لو جعل العشور للمقاتلة جاز لأنه مال حصل بقوتهم اه. فليحفظ. وليكن التوفيق اه: أي بحمل القول بالمنع على غير المقاتلة والقول بالجواز عليهم.
قلت: لكن قوله: لو جعل العشور للمقاتلة ليس صريحا في جعل عشور أراضيهم. تأمل.
قوله: (وفي النهر) من هنا إلى قوله: وفي الأشباه من كلام النهر. قوله: (يعلم من قول الثاني) أي بجواز ترك الخراج وهبته لمن هو مصرف له.
مطلب في أحكام الاقطاع من بيت المال قوله: (حكم الإقطاعات الخ) قال أبو يوسف رحمه الله تعالى في كتاب الخراج: وللامام أن يقطع كل موات وكل ما ليس فيه ملك لاحد، ويعمل بما يرى أنه خير للمسلمين، وأعم نفعا. وقال أيضا: وكل أرض ليست لاحد، ولا عليها أثر عمارة فأقطعها رجلا فغمرها فإن كانت في أرض الخراج أدى عنها الخراج، وإن كانت عشرية ففيها العشر. وقال في ذكر القطائع: إن عمر اصطفى أموال كسرى، وأهل كسرى، وكل من فر عن أرضه أو قتل في المعركة، وكل مفيض ماء أو أجمة، فكان عمر يقطع من هذا لمن أقطع. قال أبو يوسف: وذلك بمنزلة بيت المال الذي لم يكن لاحد، ولا في يد وارث، فللامام العادل أن يجيز منه ويعطي من كان له عناء في الاسلام، ويضع ذلك موضعه، ولا يحابي به فكذلك هذه الأرض، فهذا سبيل القطائع عند في أرض العراق، وإنما صارت القطائع يؤخذ منها العشر لأنها بمنزلة الصدقة اه.
قلت: وهذا صريح في أن القطائع قد تكون من الموت، وقد تكون من بيت المال لمن هو من مصارفه، وأنه يملك رقية الأرض، ولذا قال يؤخذ منها العشر، لأنها بمنزلة الصدقة، ويدل له قوله أيضا: وكل من أقطعه الولاة المهديون أرضا من أرض السواد وأرض العرب والجبال من الأصناف التي ذكرنا أن للامام أن يقطع منها، فلا يحل لمن بعده من الخلفاء أن يرد ذلك، ولا يخرجه من يد من هو في يده وارث أو مشتر، ثم قال: والأرض عندي بمنزلة المال، فللامام أن يجيز