رباط يوم في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات فيه أجري عليه عمله الذي كان يعمل وأجري عليه رزقه وأمن الفتان زاد الطبران وبعث يوم القيامة شهيدا وروى الطبراني بسند ثقات في حديث مرفوع: من مات مرابطا أمن الفزع الأكبر ولفظ ابن ماجة بسند صحيح عن أبي هريرة وبعثه الله يوم القيامة آمنا من الفزع وعن أبي أمامة عنه عليه الصلاة والسلام قال: إن صلاة المرابط تعدل خمسمائة صلاة، ونفقته الدينار والدرهم منه أفضل من سبعمائة دينار ينفقه في غيره اه. قوله: (أجرى عليه عمله ورزقه) قال السرخسي وقوله: أجرى عليه عمله نمى له عمله، وذلك في كتاب الله تعالى: * (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله) * (سورة النساء: الآية 001) وقال عليه الصلاة والسلام: من مات في طريق الحج كتب له حجة مبرورة في كل سنة فهذا هو المراد أيضا في كل من مات مرابطا، إنه يجعل بمنزلة المرابط إلى فناء الدنيا فيما يجري له من الثواب، لان نيته استدامة الرباط لو بقي حيا إلى فناء الدنيا، والثواب بحسب النية اه.
قلت: ومقتضاه أن المراد بإجراء العلم دوام ثواب الرباط كما صرح به في حديث آخر ذكره السرخسي ومن قتل مجاهدا أو مات مرابطا فحرام على الأرض أن تأكل لحمه ودمه ولم يخرج من الدنيا، حتى يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وحتى يرى مقعده من الجنة وزوجته من الحور العين وحتى يشفع في سبعين من أهل بيته ويجري له أجرى الرباط إلى يوم القيامة وظاهره أن من مات مرابطا يكون حيا في قبره كالشهيد، وبه يظهر معنى إجراء رزقه عليه.
مطلب في بيان من يجري عليهم الاجر بعد الموت] تنبيه: قال الشارح في شرحه على الملتقى: قد نظم شيخنا الشيخ عبد الباقي الحنبلي المحد ث ثلاثة عشر ممن يجري عليه الاجر بعد الموت على ما جاء في الأحاديث وأصلها للحافظ الأسيوطي رحمه الله تعالى، فقال:
إذا مات ابن آدم جاء يجري * عليه الاجر عد ثلا ث عشر علوم بثها ودعاء نجل * وغرس النخل والصدقات تجري وراثة مصحف ورباط ثغر * وحفر البئر أو إجراء نهر وبيت للغريب بناه يأوي * إليه أو بناء محل ذكر وتعليم لقرآن كريم * شهيد للقتال لأجل بر كذا من سن صالحة ليقفى * فخذها من أحاديث بشعر مطلب المرابط لا يسأل في القبر كالشهيد قوله: (وأمن الفتان) ضبط أمن بفتح الهمزة وكسر الميم بلا واو، وأومن بضم الهمزة وبزيادة واو، وضبط الفتان بفتح الفاء: أي فتان القبر، وفي رواية أبي داود في سننه وأمن من فتان القبر وبضمها جمع فاتن. قال القرطبي: وتكون للجنس: أي كل ذي فتنة.
قلت: أو المراد فتان القبر من إطلاق صفة الجمع على اثنين أو على أنهم أكثر من اثنين، فقد