ورد أن فتان القبر ثلاثة أو أربعة، وقد استدل غير واحد بهذا الحديث على أن المرابط لا يسأل في قبره كالشهيد علقمي على الجامع الصغير. قوله: (هو فرض كفاية) قال في الدر المنتقى: وليس بتطوع أصلا هو الصحيح، فيجب على الامام أن يبعث سرية إلى دار الحرب كل سنة مرة أو مرتين، وعلى الرعية إعانته إلا إذا أخذ الخراج، فإن لم يبعث كان كل الاثم عليه، وهذا إذا غلب على ظنه أنه يكافئهم وإلا فلا يباح قتالهم، بخلاف الامر بالمعروف. قهستاني عن الزاهدي اه. قوله: (إذا حصل المقصود بالبعض) هذا القيد لا بد منه لئلا ينتقض بالنفير العام، فإنه معه مفروض لغيره مع أنه فرض عين لعدم حصول المقصود بالبعض. نهر.
قلت: يعني أنه يكون فر ض عين على من يحصل به المقصود وهو دفع العدو، فمن كان بحذاء العدو إذا لم يمكنهم مدافعته يفترض عينا على من يليهم، وهكذا كما سيأتي، ولا يخفى أن هذا عند هجوم العدو أو عند خوف هجومه، وكلامنا في فريضته ابتداء، وهذا لا يمكن أن يكون فرض عين إلا إذا كان بالمسلمين قلة والعياذ بالله تعالى بحيث لا يمكن أن يقوم به بعضهم، فحينئذ يفترض على كل واحد منهم عينا. تأمل. قوله: (ولعله قدم الكفاية) أي الذي هو فرض كفاية على فرض العين، وهو الآتي في قوله: وفرض عين إن هجم العدو. قوله: (لكثرته) أي كثرة وقوعه. قوله:
(وأما قوله تعالى الخ) جواب عما يرد على قوله: ابتداء وعلى عدم تقييده بغير الأشهر الحرم. ثم اعلم أن الامر بالقتال نزل مرتبا، فقد كان (ص) مأمورا أولا بالتبليغ، والاعراض، * (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) * (سورة الحجر: الآية 49) ثم بالمجادلة بالأحسن * (ادع إلى سبيل ربك) * (سورة النحل: الآية 521) الآية ثم أذن لهم بالقتال * (أذن للذين يقاتلون) * (سورة الحج: الآية 93) الآية، ثم أمروا بالقتال إن قاتلوهم * (فإن قاتلوكم فاقتلوهم) * (سورة البقرة: الآية 191) ثم أمروا به بشرط انسلاخ الأشهر الحرم * (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين) * (سورة التوبة: الآية 5) ثم أمروا به مطلقا * (وقاتلوا في سبيل الله) * (سورة البقرة: الآية 091) واستقر الامر على هذا. سرخسي ملخصا. يعني في جميع الأزمان والأماكن، سوى الحرم كما في القهستاني عن الكرماني. ثم نقل عن الخانية أن الأفضل أن لا يبتدأ به في الأشهر الحرم اه. والمراد بقوله:
سوى الحرم إذا لم يدخلوا فيه للقتال، فلو دخلوه للقتال حل قتالهم فيه لقوله تعالى: * (حتى يقاتلوكم فيه) * (سورة البقرة: الآية 191) وتمامه في شرح السير. قوله: (إن قام به البعض) هذه الجملة وقعت موقع التفسير لفرض الكفاية. فتح.
مطلب في الفرق بين فرض العين وفرض الكفاية وحاصله: أن فرض الكفاية ما يكفي فيه إقامة البعض عن الكل، لان المقصود حصوله في نفسه من مجموع المكلفين كتغسيل الميت وتكفينه ورد السلام، بخلاف فرض العين، لان المطلوب إقامته من كل عين: أي من كل ذات مكلفة بعينها، فلا يكفي فيه فعل البعض عن الباقين، ولذا كان أفضل كما مر، لان العناية به أكثر، ثم إن فر ض الكفاية إنما يجب على المسلمين العالمين به سواء كانوا كل المسلمين شرقا ومغربا أو بعضهم. قال القهستاني: وفيه رمز إلى أن فرض الكفاية على كل واحد من العالمين به بطريق البدل، وقيل: إنه فرض على بعض غير معين، والأول المختار لأنه