فعبدي حر لا يحنث، لان الشرط هو الترك، وهو لا يتحقق في غير المقدور، عادة، وفي الأول شرط عدم المس والعدم يتحقق في غير المقدور كذا في التحرير شرح الجامع الكبير للحصيري معزيا إلى المنتقى، ومثله في النهر عن المحيط.
قلت: ويظهر الفرق في قولك لا أمس السماء وقولك أترك مس السماء، فإن الأول لا يقتضي أنه معتاد ممكن، بخلا ف الثاني، وهذا ينافي ما مر في إن لم تصل (1) الصبح غدا، وفي إن لم تردي الدينار، ولعله رواية أخرى، فتأمل.
مطلب: يجوز تحويل الصفات وتحويل الاجزاء قوله: (لامكان البر حقيقة) لأنه صعدتها الملائكة وبعض الأنبياء، وكذا تحويل الحجر ذهبا بتحيل الله تعالى صفة الحجرية إلى صفة الذهبية، بناء على أن الجواهر كلها متجانسة في قبول الصفات، أو بإعدام الاجزاء الحجرية وإبدالها بأجزاء ذهبية، والتحويل في الأول أظهر وهو ممكن عند المتكلمين على ما هو الحق. فتح. قوله: (ثم يحنث) عطف على معلوم من المقام: أي فتنعقد ثم يحنث ط. قال في شرح الجامع الكبير: فباعتبار التصور في الجملة انعقدت اليمين، وباعتبار العجز عادة حنث للحال، وهذا العجز غير العجز المقارن لليمين، لان هذا هو العجز عن البر الواجب باليمين ا ه: أي بخلاف العجز في مسألة الكوز فإنه مقارن لليمين فلذا لم تنعقد.
واعلم أن الحنث في هذه المسألة عند أئمتنا الثلاثة، وفيها خلا ف زفر، فعنده لا تنعقد اليمين ولا يحنث لإلحاقه المستحيل حقيقة، بخلاف مسألة الكو فإن فيها خلاف أبي يوسف كما مر.
تنبيه: المراد بالعجز هنا عدم الامكان والتصور عادة، فلو حلف ليؤدين له دينه اليوم فلم يكن معه شئ ولم يجد من يقرضه يحنث بمضي اليوم على المفتى به كما مر في باب التعليق، لان الأداء غير مستحيل عادة. قوله: (لم يحنث ما لم يمض ذلك الوقت) أي فيحنث في آخره. قال في الفتح: فلو مات قبله فلا كفارة عليه إذ لا حنث ا ه.
تنبيه: قال في شرح الجامع الكبير: قال الكرخي: إذا حلف أن يفعل ما لا يقدر عليه كقوله لأصعدن السماء فهو آثم. وروى الحسن عن زفر فيمن قال: لأمسن السماء اليوم إنه آثم ولا كفارة عليه، لأنه لا تنعقد عنده إلا على ما يمكن. قوله: (والظاهر خروجها الخ) هذا الاعتذار يحتاج إليه إن كانت المسألة من نص المذهب لا إن كانت من تخريج بعض المشايخ على القول باعتبار الحقيقة اللغوية، وإن لم يكن فالعرف وعليه مشى الزيلعي وقد تقدم رده وإن الاعتماد على العرف، ولو كانت هذه المسألة منصوصة لذكروا استثناءها من القاعدة المبني عليها مسائل الايمان وهو العرف، والذي ظهر حمل هذه المسألة على ما إذا نوى سقف البيت، كما أجابوا عن قول صاحب الذخيرة