المسجد غير حرز ومفاده أنه يقطع لو سرقها من حرز. والظاهر أن وجهه كون الوقف يبقى على ملك الواقف حكما عند الامام، وهذا في أصل الوقف. وأما الغلة فقد صرحوا بأنها ملك المستحقين، لكن ينبغي أن يقال: إن كان السارق له حق في الغلة لا يقطع بسرقته منها، سواء كان وقفا على العامة أو على قوم محصورين لثبوت الشركة، وكذا وقف المسجد إذا كان للسارق وظيفة فيه، بخلاف سرقته لحصره وقناديله إذ حقه في الغلة لا في الحصر. تأمل.
مطلب في أخذ الدائن من مال مديونه من خلاف جنسه قوله: (ومثل دينه) أي مثله جنسا لا قدرا ولا صفة كما أفاده ما بعده. قوله: (ولو دينه مؤجلا) لأنه استيفاء لحقه، والحال والمؤجل سواء في عدم القطع استحسانا، لان التأجيل لتأخير المطالبة والحق ثابت فيصير شبهة دارئة وإن لم يلزمه الاعطاء الآن. ولا فرق بين كون المديون المسروق منه مماطلا أو لا خلافا للشافعي، وتمامه في الفتح. قوله: (أو زائدا عليه أو أجود) بأنت خبير بأن الضمير في زائد أو أجود عائد على الدين، وفي عليه على المسروق، فالمناسب للتعميم أن يقال:
أو أنقص منه أو أردأ، فيعلم حكم الزائد والأجود بالأولى.
والحاصل أنه لو سرق أكثر من دينه لا يقطع لأنه يصير شريكا في ذلك المال بمقدار حقه كما في الفتح، وعلى قياسه يقال فيما لو سرق الأجود. تأمل. قوله: (لان النقدين جنس واحد حكما) ولهذا كان للقاضي أن يقضي بها دينه من غير رضا المطلوب. بحر.
قلت: وهذا موافق لما صرحوا به في الحجر. ومفاده أنه ليس للدائن أخذ الدراهم بدل الدنانير بلا إذن المديون ولا فعل حاكم، وقد صرح في شرح تلخيص الجامع في باب اليمين في المساومة بأن له الاخذ وكذا في حظر المجتبى، ولعله محمول على ما إذا لم يمكنه الرفع للحاكم، فإذا ظفر بمال مديونه له الاخذ ديانة بل له الاخذ من خلاف الجنس على ما نذكره قريبا. قوله:
(ومنه الحلي) أي بسبب ما فيه من الصياغة التحق بالعرض. قوله: (ما لم المسألة مشكله، فلتحرر. قوله لا يكون رهنا أو قضاء لدينه إلا بإذن مالكه، فكأنه ادعى أخذه فلا يقطع.
وفى الفتح: عن أبي يوسف: لا يقطع بالعروض لان له الاخذ عند بعض العلماء. قلنا: هذا قول لا يستند إلى دليل ظاهر، فلا تصير شبهه دارئة إلا إذا ادعى الرهن أو القضاء.
مطلب: يعذر العمل بمذهب الغير عند لضرورة قوله: (وأطلق الشافعي أخذ خلاف الجنس) أي النقود أو العروض، لان النقود يجوز أخذها عندنا على ما قررناه آنفا قال القهستاني: وفيه إيماء إلى أن له أن يأخذ من خلاف جنسه عند المجانسة في المالية، وهذا أوسع فيجوز الاخذ به وإن لم يكن مذهبنا، فإن الانسان يعذر في العمل به عند الضرورة كما في الزاهدي اه.
قلت: وهذا ما قالوا أنه لا مسند له، لكن رأيت في شرح نظم الكنز للمقدس من كتاب الحجر. قال: ونقل جد والدي لامه الجمال الأشقر في شرحه للقدوري أن عدم جواز الاخذ من