ولا يؤثر في كونها خراجية لأنها تكون خراجية إذا لم يسلم أهلها، سواء فتحت عنوة ومن على أهلها بها، أو صلحا ووضع عليهم الجزية، كما مر آنفا.
مطلب: لا شئ على زراع الأراضي السلطانية من عشر أو خراج سوى الأجرة قوله: (المأخوذ الآن من أراضي مصر أجرة لا خراج) وكذا أراضي الشام كما يأتي عن (فضل الله الرومي) وقال في الدر المنتقى: فيؤجرها الامام، ويأخذ جميع الأجرة لبيت المال، كدار صارت لبيت المال، واختار السلطان استغلالها، وإن اختار بيعها فله ذلك، إما مطلقا أو لحاجة، فثبت أن بيع الأراضي المصرية وكذا الشامية صحيح مطلقا، إما من مالكها (1) أو من السلطان، فإن كان من مالكها. انتقلت بخراجها وإن من السلطان فإن لعجز مالكها عن زراعتها فكذلك، وإن لموت مالكها فقدمنا أنها صارت لبيت المال، وإن الخراج سقط عنها، فإذا باعها الامام لا يجب على المشتري خراج، سواء وقفها أو أبقاها.
قلت: وهذا نوع ثالث: يعني لا عشرية ولا خراجية من الأراضي تسمى أرض المملكة، وأراضي الحوز، وهو من مات أربابه بلا وارث وآل لبيت المال، أو فتح عنوة وأبقى للمسلمين إلى يوم القيامة، وحكمه على ما في التتارخانية أنه يجوز للامام دفعه للزراع بأحد طريقتين: إما بإقامتهم مقام الملاك في الزراعة وإعطاء الخراج، وإما بإجارتها لهم بقدر الخراج، فيكون المأخوذ في حق الامام خراجا، ثم إن كان دراهم فهو خراج موظف، وإن كان بعض الخارج فخراج مقاسمة، وأما في حق الاكراه فأجرة لا غير. لا عشر ولا خراج، فلما دل الدليل على عدم لزوم المؤنتين العشر والخراج في أراضي المملكة، والحوز كان المأخوذ منها أجرة لا غير اه. ما في الدر المنتقى ملخصا.
مطلب: لا شئ على الفلاح لو عطلها، ولو تركها لا يجبر عليها قلت: فعلى هذا لا شئ على زراعها من عشر أو خراج، إلا على قولهما بأن العشر على المستأجر، كما مر في بابه، على أنك علمت أن المأخوذ ليس أجرة من كل وجه، بل هو في حق الامام خراج ولا يجتمع عشر مع خراج. تأمل. ثم رأيت في الخيرية: الزارع في الأرض الوقف عامل بالحصة وهو المستأجر وليس عليه خراج. قال في الإسعاف: وإذ دفع المتولي الأرض مزارعة فالخراج أو العشر من حصة أهل الوقف، لأنها إجارة معنى، وبمثله نقول: إذا كانت الأرض لبيت المال وتدفع مزارعة للمزارعين، فالمأخوذ منهم بدل إجازة لا خراج، كما صرح به الكمال وغيره، ومما هو مصرح به أن خراج المقاسمة لا يلزم بالتعطيل، فلا شئ على الفلاح لو عطلها وهو غير مستأجر لها، ولا جبر عليه بسببها، وبه علم أن بعض المزارعين إذا ترك الزراعة وسكن مصرا فلا شئ عليه، فما تفعله الظلمة من الاضرار به: حرام، صرح به في البحر والنهر اه ملخصا. لكن إذا كان المأخوذ من المزارعين كالربع أو الثلث، من الغلة بدل إجارة كما مر، يلزم أن يكون استئجار الأرض ببعض الخارج منها، وهو فاسد لجهالته، فما وجه الجواز هنا؟ قال في الدر المنتقى:
والجواب ما قلنا: إنه جعل في حق الامام خراجا وفي حق الأكرة أجرة لضرورة عدم صحة الخراج