وفيه البحث الذي قلناه. وأما أمره بتجديد النكاح فهو لا شك فيه احتياطا، خصوصا في حق الهمج الأرذال الذين يشتمون بهذه الكلمة، فإنهم لا يخطر على بالهم هذا المعنى أصلا. وقد سئل في الخيرية عمن قال له الحاكم أرض بالشرع فقال لا أقبل، فأفتى مفت بأنه كفر وبانت زوجته فهل يثبت كفره بذلك؟ فأجاب: بأنه لا ينبغي للعالم أن يبادر بتكفير أهل الاسلام، إلى آخر ما حرره في البحر. وأجاب قبله في مثله بوجوب تعزيره وعقوبته. قوله: (ولو رواية ضعيفة) قال الخير الرملي:
أقول ولو كانت الرواية لغير أهل مذهبنا، ويدل على ذلك اشتراط كون ما يوجب الكفر مجمعا عليه اه. قوله: (كما حرره في البحر) قدمنا عبارته قبيل قوله: وشرائط صحتها. قوله: (وجوه) أي احتمالات لما مر في عبارة البحر عن التتارخانية أنه لا يكفر بالمحتمل. قوله: (وإلا) أي وإن لم تكن له نية ذلك الوجه الذي يمنع الكفر بأن أراد الوجه المكفر، أو لم تكن له نية أصلا لم ينفعه تأويل المفتي لكلامه وحمله إياه على المعنى الذي لا يكفر، كما لو شتم دين مسلم وحمل المفتي الدين على الأخلاق الرديئة لنفي القتل عنه فلا ينفعه ذلك التأويل فيما بينه وبين ربه تعالى، إلا إذا نواه. قوله: (وينبغي التعوذ بهذا الدعاء صباحا ومساء) تدخل أوراد الصباح من نصف الليل الأخير، والمساء من الزوال، هذا فيما عبر فيه بهما. وأما إذا عبر باليوم والليلة فيعتبران تحديدا من أولهما، فلو قدم المأمور به فيهما عليه لا يحصل له الموعود به. أفاده بعض من كتب على الجامع الصغير السيوطي. ط.
قلت: ولم أر في الحديث ذكر صباحا ومساء، بل فيه ذكر ثلاثا كما في الزواجر عن الحكيم الترمذي أفلا أدلك على ما يذهب الله به عنك صغار الشرك وكباره، تقول كل يوم ثلاث مرات:
اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا وأنا أعلم، وأستغفرك بما لا أعلم وعند أحمد والطبراني أيها الناس اتقوا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل، وقالوا: كيف نتقيه يا رسول الله؟ قال قولوا: اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه.
مطلب: توبة اليأس مقبولة دون إيمان اليأس قوله: (وتوبة اليأس مقبولة دون إيمان اليأس) هو بالمثناة التحتية ضد الرجاء وقطع الطمع عن الحياة، وعلل قبولها في الدرر تبعا للبزازية بأن الكافر أجنبي غير عارف بالله تعالى وابتدأ إيمانا وعرفانا، والفاسق له حالة البقاء، والبقاء أسهل من الابتداء. والدليل على قبولها مطلقا قوله تعالى: * (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده) * (سورة الشورى: الآية 52) اه. وقد أطال في آخر البزازية في هذه المسألة، ونقل قبله القول بعدم قبول كل منهما، وعزاه أيضا إلى الحنفية والمالكية والشافعية، وانتصر له منلا علي القاري في شرح بدء الأمالي وقدمنا ذلك مبسوطا في أول باب صلاة الجنائز.