قلت: والظاهر أن ما ذكره المصنف بيان لقوله: يعقل الاسلام ومعنى تمييزه المذكور أن يعرف أن الصدق مثلا حسن والكذب قبيح يلام فاعله، وأن العسل حلو والصبر مر، ومعنى كونه بحيث يناظر أن يقول: إن المسلم في الجنة والكافر في النار، وإذا قيل له: لا ينبغي لك أن تخالف دين أبويك، يقول: نعم لو كان دينهما حقا، أو نحو ذلك. ولا يخفى أن ابن سبع لا يعقل ذلك غالبا، ويحتمل أن يكون المراد المناظرة ولو في أمر دنيوي، كما لو اشترى شيئا ودفع إلى البائع الثمن وامتنع البائع من تسليم المبيع قائلا لا أسلمه إلا إلى أبيك لأنك قاصر فيقول له لم أخذت مني الثمن، فإن لم تسلمني المبيع ادفع لي الثمن، فهذا ونحوه من ابن سبع غالبا، وعليه يتحد القولان. تأمل. قوله: (وقد رأيت بفتح تاء المخاطب. قوله: (وسنه سبع) وقيل ثمان وهو الصحيح، وأخرجه البخاري في تاريخه عن عروة، وقيل عشر أخرجه الحاكم في المستدرك، وقيل خمسة عشر وهو مردود، وتمام ذلك مبسوط في الفتح، وهو أول من أسلم من الصبيان الأحرار، ومن الرجال الأحرار أبو بكر، ومن النساء خديجة، ومن الموالي زيد بن حارثة، وتمام تحقيق ذلك في الدر المنتقى، ونقل عبارته المحشي. قوله: (حتى قال الخ) ذكر في القاموس في مادة ودق.
قال المازني: لم يصح أن عليا رضي الله تعالى عنه تكلم بشئ من الشعر غير هذين البيتين. تلكم قريش تمناني لتقتلني، الخ. وصوبه الزمخشري اه. ومقتضاه أن نسبة ما هنا إليه لم تصح. قوله:
(ظاهر كلامهم نعم اتفاقا) فائدة وقوعه فرضا عدم فرضية تجديد إقرار آخر بعد البلوغ. قال في الفتح:
ومقتضى الدليل أنه يجب عليه بعد البلوغ. ثم قال: لكنهم اتفقوا على أن لا يجب على الصبي بل يقع فرضا قبل البلوغ. أما عند فخر الاسلام فلانه يثبت أصل الوجوب به على الصبي بالسبب، وهو حدوث العالم وعقلية دلالته دون وجوب الأداء لأنه بالخطاب وهو غير مخاطب، فإذا وجد بعد السبب وقع الفرض كتعجيل الزكاة. وأما عند شمس الأئمة: لا وجوب أصلا لعدم حكمه وهو وجوب الأداء، فإذا وجد وجد، فصار كالمسافر يصلي الجمعة يسقط فرضه وليست الجمعة فرضا عليه، لكن ذلك للترفيه عليه بعد سببها، فإذا فعل تم اه.
مطلب: هل يجب على الصبي الايمان؟
قوله: (وفي التحرير الخ) هذا قول ثالث. وعبارة التحرير في الفصل الرابع: وعن أبي منصور الماتريدي وكثير من مشايخ العراق والمعتزلة إناطة وجوب الايمان به: أي بعقل الصبي وعقابه بتركه.
ونفاه باقي الحنفية دراية لقوله عليه الصلاة والسلام رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل ورواية لعدم انفساخ نكاح المراهقة بعدم وصف الايمان اه. موضحا من شرحه لابن أمير حاج. وقال في أول الفصل الثاني: وزاد أبو منصور إيجابه على الصبي العاقل. ونقلوا عن أبي حنيفة: لو لم يبعث الله تعالى للناس رسولا لوجب عليهم معرفته