مطلب في وقف المشاع المقضي به قوله (كما صح وقف مشاع في بجوازه) ويصير بالقضاء متفقا عليه والخلاف في وقف المشاع مبني على اشتراط التسليم وعدمه لأن القسمة من تمامه فأبو يوسف أجازه لأنه لم يشترط التسليم ومحمد لم يجزه لاشتراطه التسليم كما مر عند قوله ويفرز وقدمنا أن محل الخلاف فيما يقبل القسمة بخلاف ما لا يقبلها فيجوز اتفاقا إلا في المسجد والمقبرة وقدمنا بعض فروع ذلك قوله (لأنه مجتهد فيه) أي يسوغ فيه الاجتهاد لعدم مخالفته لنص أو إجماع.
مطلب مهم إذا حكم الحنفي بما ذهب إليه أبو يوسف أو محمد لم يكن حاكما بخلاف مذهبه قوله (فللحنفي المقلد الخ) أفاد أن المراد بقوله قضى بجوازه ما يشمل قضاء الحنفي وإنما خصه بالتفريع لئلا يتوهم أن المراد به من مذهب آخر لأن إمام مذهبنا غير قائل به لكن لما كان قول أصحابه غير خارج عن مذهبه صح حكم مقلده به ولذا قال في الدرر من كتاب القضاء عند الكلام على قضاء القاضي بخلاف مذهبه أن المراد به خلاف أصل المذهب كالحنفي إذا حكم على مذهب الشافعي وأما إذا حكم الحنفي بما ذهب إليه أبو يوسف أو محمد أو نحوهما من أصحاب الإمام فليس حكما بخلاف رأسه اه. فقد أفاد أن أقوال أصحاب الإمام غير خارجة عن مذهبه فقد نقلوا عنهم أنهم ما قالوا قولا إلا هو مروي عن الإمام كما أوضحت ذلك في شرح منظومتي في رسم المفتي.
مطلب مهم في إشكال وقف المنقول على النفس وبهذا يرتفع الإشكال المشهور الذي ذكره الإمام الطرسوسي في أنفع الوسائل والعلامة ابن الشلبي في فتاواه وهو أن وقف الإنسان على نفسه أجازه أبو يوسف ومنعه محمد كما سيأتي ووقف المنقول كالبناء بدون أرض والكتب والمصحف منعه أبو يوسف وأجازه محمد فوقف المنقول على النفس لا يقول به واحد منهما فيكون الحكم به ملفقا من قولين والحكم الملفق باطل بالإجماع كما مر أول الكتاب وبه يندفع ما أجاب به الطرطوسي من أنه في منية المفتي أفاد جواز الحكم الملفق وتمام ذلك مبسوط في كتابنا تنقيح الحامدية في الباب الأول من الوقف قوله (لاختلاف الترجيح) فإن كلا من قول أبي يوسف وقول محمد صحح بلفظ الفتوى كما مر.
مطلب فيما إذا كان في المسألة قولان مصححان قوله (قولان مصححان) أي وقد تساويا في لفظي التصحيح وإلا فالأولى الأخذ بما هو آكد في التصحيح كما لو كان أحدهما بلفظ الصحيح والآخر بلفظ عليه الفتوى فإن الثاني أقوى وكذا لو كان أحدهما في المتون أو كان ظاهر الرواية أو كان عليه الأكثر أو كان هو الأرفق فإنه إذا صحح هو ومقابله كان الأخذ به أولى كما قدمناه في أول الكتاب قوله (بأحدهما) أي بأي واحد منهما أراد لكن إذا قضى بأحدهما في حادثة ليس له القضاء فيها بالقول الآخر نعم يقضي به في حادثة غيرها وكذا المفتي وينبغي أن يكون مطمح نظره إلى ما هو الأرفق والأصلح وهذا معنى قولهم: