مطلب: حلف لا يخرج إلى مكة ونحوها قوله: (قصد غيرها أم لا) أي لان الحنث تحقق بمجرد الخروج على قصدها، فلا فرق حينئذ بعد ما خرج بين أن يقصد الذهاب إلى غيرها أو لا. قوله: (فتح بحثا) حيث قال: وقد قالوا: إنما يحنث إذا جاوز عمرانه على قصدها، كأنه ضمن لفظا أخرج معنى أسار للعلم بأن المضي إليها سفر، لكن على هذا لو لم يكن بينه وبينها مدة سفر ينبغي أن يحنث بمجرد انفصاله من الداخل اه.
قلت: يؤيده قوله في الذخيرة: لان الخروج إلى مكة سفر، الانسان لا يعد مسافرا إذا لم يجاوز عمران مصره اه: أي بخلاف الخروج إلى الجنازة، لكن لما كانت الجنازة في المصر اعتبر في الخروج انفصاله من باب داره وإن كانت المقبرة خارج المصر لأنه لم يحلف على الخروج إلى المقبرة، أما لو حلف على ذلك أو على الخروج إلى القرية مثلا مما يلزم منه الخروج من المصر، فالظاهر أنه يلزم مجاوزة العمران وإن لم يقصد مدة سفر، وفي البحر عن البدائع: قال عمر بن أسد:
سألت محمدا عن رجل حلف ليخرجن من الرقة، ما الخروج؟ قال: إذا جعل البيوت خلف ظهره، لان من حصل في هذه المواضع جاز له القصر اه.
قال في البحر: فالحاصل أن الخروج إذا كان من البلد فلا يحنث حتى يجاوز عمران مصره، سواء كان إلى مقصده مدة سفر أو لا، وإن لم يكن خروجا من البلد فلا يشترط مجاوزة العمران اه.
وهذا مخالف لما بحثه في الفتح، فليتأمل، قوله: (وفيه الخ) لم أجد ذلك في الفتح بل هو في البحر وغيره، قوله: (مع فلان العالم) الذي في البحر وغيره العالم أي هذه السنة، فهو ظرف زمان معرف بأل التي للحضور. قوله: (بر) فإذا بدا له أن يرجع رجع بلا ضرر، بحر.
قلت: والظاهر أنه لا بد من أن يكون خروجه على قصد السفر لا على قصد الرجوع، ولذا قال: فإذا بدا له الخ، ويدل عليه قوله في الخانية: فإذا خرج معه فجاوز البيوت ووجب عليه قصر الصلاة فقد بر، إذ لا يخفي أن وجوب القصر لا يكون إلا عند قصر السفر، وكذا قول المصنف وغيره فخرج يريدها.
(تنبيه): يعلم مما قررناه جواب ما يقع كثيرا فيمن خلف ليسافرن فإنه يبر بمجاوزته العمران على قصد السفر إلى مكان بينه وبين مدة السفر، فإذا بدا له الرجوع رجع بلا ضرر، وبه أفتى المصنف وغيره، لكن لا بد من قصد السفر كما قلنا، ولا مجرد الخروج على قصد الرجوع لأنه لا يتحقق به السفر، والله أعلم. قوله: (فخرج من جنازة) أي خرج من بغداد مع الجنازة بأن جاوز العمران، قال ط: لكن العرف بخلافه، فإن من حلف لا يخرج من مصر فزار الامام لا يعد خارجا منها في عرفنا اه.
قلت: لكن إذا قامت قرينة على إرادة الخروج مطلقا لسفر أو غيره يعد خارجا. قوله: (كما مر) أي قريبا في قوله: إلا في الاتيان. قوله: (والفرق لا يخفي) هو أن الخروج الانفصال من