وبه علم أن شرط تكميل الأول حضور الأول فقط، وأن التداخل قد يكون بتداخل الثاني فيما بقي من الأول، وقد يكون بتداخل ما بقي من الأول في الثاني وذلك فيما يحد به حدا مستقبلا كما علمت آنفا، ومر أيضا قبيل هذا الباب في قول المصنف: أقيم عليه بعض الحد فهرب وشرب ثانيا يستأنف فما ظنه بعض المحشين من التعارض بين ما مر وما هنا فهو خطأ لما علمت من اختلاف الموضوع. قوله: (وما إذا قذف الخ) معطوف كسابقه على قوله: ما إذا اتحد. قوله: (فعتق) بالبناء للفاعل لأنه لازم لا يتعدى إلا بالهمزة. ط عن ابن الشحنة. قوله: (فإن آخذه الثاني) أي طالبه في أثناء الحد أو بعد تمامه ط. قوله: (ثم قذفه) أي قذف المقذوف أو لا، بخلاف ما إذا قذف شخصا آخر بعد حده للأول فإنه يحد للثاني كما قدمناه. قوله: (لان المقصود الخ) قال في البحر: لا يخفى ما فيه فإنه بالحد الأول لم يظهر كذبه في إخبار مستقبل، بل فيما أخبر به ماضيا قبل الحد، ولهذا قال في الفتح: وصار كما لو قذف شخصا فحد به ثم قذفه بعين ذلك الزنا، بأن قال أنا باق على نسبتي إليه الزنا الذي نسبته إليه لا يحد ثانيا، فكذا هذا، أما لو قذفه بزنا آخر حد به اه. لكن في الظهيرية: ومن قذف إنسانا فحد ثم قذفه ثانيا لم يحد.
والأصل فيه ما روى: أن أبا بكرة لما شهد على المغيرة بالزنا وجلده عمر لقصور العدد بالشهادة كان يقول بعد ذلك في المحافل: أشهد أن المغيرة لزان، فأراد عمر أن يحده ثانيا فمنعه علي فرجع إلى قوله وصارت المسألة إجماعا اه. فظهر أن المذهب إطلاق المسألة كما ذكره الزيلعي اه. ما في البحر. وتبعه في النهر: أي المذهب أنه شامل لما إذ قذفه بعين الزنا الأول أو بزنا آخر، خلافا لما قاله في الفتح.
قلت: والذي يظهر لي أن الصواب ما في الفتح، وأنه إذا صرح بنسبته إلى زنا غير الأول يحد ثانيا كما لو قذف شخصا آخر لأنه لم يظهر كذبه في القذف الثاني، بخلاف ما إذا حد ثم قذفه بالزنا الأول أو أطلق لحمل إطلاقه على الأول، لان المحدود بالقذف يكرر كلامه بعد القذف لاظهار صدقه فيما حد بسببه كما فعله أبو بكرة، فإن قوله: أشهد إن المغيرة لزان لم يرد به زنا آخر، وبه ظهر أن ما في الظهيرية لا ينافي ما في الفتح فلا يصلح للاستدراك به عليه. قوله: (ومفادة الخ) أي مفاد ما مر عن الزيلعي من انتفاء الحد ثانيا حيث اتحد المقذوف أنه لو تعدد يحد، وقدمنا التصريح به عن الفتح وغيره، فإذا قذف شخصا بالزنا فحد له ثم قال له يا ابن الزانية فإنه يحد ثانيا، وإن كانت أم المقذوف ميتة وكان الطلب له لان الثاني قذف لامه، وكذا يحد بالأولى لو كانت الام حية فخاصمته.
قوله: (إن التعزير يتعدد الخ) جزم به مع أن المصنف قال: لم أر من صرح به لكنه يؤخذ من كلامهم اه ط. والمراد التعزير الذي هو حق العبد كما يفيده التعليل، وسيأتي تمام الكلام على ذلك عند قول المصنف في الباب الآتي وهو حق العبد. قوله: (قلنا) أي في وجه الاستحسان بإبداء الفارق