وحكم الخوارج عند جمهور الفقهاء والمحدثين حكم البغاة. وذهب بعض المحدثين إلى كفرهم.
قال ابن المنذر: ولا أعلم أحدا وافق أهل الحديث على تكفيرهم، وهذا يقتضي نقل إجماع الفقهاء.
مطلب في تكفير الخوارج وأهل البدع وقد ذكر في المحيط أن بعض الفقهاء لا يكفر أحدا من أهل البدع. وبعضهم يكفر من خالف منهم ببدعته دليلا قطعيا ونسبه إلى أكثر أهل السنة، والنقل الأول أثبت، نعم يقع في كلام أهل مذهب تكفير كثير، لكن ليس من كلام الفقهاء الذين هم المجتهدون بل من غيرهم.
مطلب: لا عبرة بغير الفقهاء: يعني المجتهدين ولا عبرة بغير الفقهاء، والمنقول عن المجتهدين ما ذكرنا، وابن المنذر أعرف بنقل مذاهب المجتهدين اه. لكن صرح في كتابه المسايرة بالاتفاق على تكفير المخالف فيما كان من أصول الدني وضرورياته: كالقول بقدم العالم، ونفي حشر الأجساد، ونفي العلم بالجزئيات، وأن الخلاف في غيره كنفي مبادئ الصفات، ونفي عموم الإرادة، والقول بخلق القرآن الخ. وكذا قال في شرح منية المصلي: إن ساب الشيخين ومنكر خلافتهما ممن بناه على شبهة له لا يكفر، بخلاف من ادعى أن عليا إله وأن جبريل غلط، لان ذلك ليس عن شبهة واستفراغ وسع في الاجتهاد بل محض هوى اه. وتمامه فيه.
قلت: وكذا يكفر قاذف عائشة ومنكر صحبة أبيها، لان ذلك تكذيب صريح القرآن كما مر في الباب السابق. قوله: بخلاف المستحل بلا تأويل) أي من يستحل دماء المسلمين وأموالهم ونحو ذلك، مما كان قطعي التحريم ولم يبنه على دليل كما بناه الخوارج كما مر، لأنه إذا بناه على تأويل دليل من كتاب أو سنة كان في زعمه اتباع الشرع لا معارضته ومنابذته، بخلا ف غيره. قوله:
(والامام) أي الإمام الحق الذي ذكره أولا ولم يذكر شروطه استغناء بما قدمه في باب الإمامة من كتاب الصلاة، وقدمنا الكلام عليها هناك، فراجعها.
مطلب: الامام يصير إماما بالمبايعة أو بالاستخلاف ممن قبله قوله: (يصير إماما بالمبايعة) وكذا باستخلاف إمام قبله، وكذا بالتغلب والقهر كما في شرح المقاصد. قال في المسايرة: ويثبت عقد الإمامة إما باستخلاف الخليفة إياه كما فعل أبو بكر رضي الله تعالى عنه، وإما ببيعه جماعة من العلماء أو من أهل الرأي والتدبير. وعند الأشعري: يكفي الواحد من العلماء المشهورين من أولي الرأي بشرط كونه بمشهد شهود لدفع الانكار إن وقع. وشرط المعتزلة خمسة. وذكر بعض الحنفية اشتراط جماعة دون عدد مخصوص اه. ثم قال: لو تعذر وجود العلم والعدالة فيمن تصدى للإمامة وكان في صرفه عنها إثارة فتنة لا تطاق حكمنا بانعقاد إمامته كي لا تكون كمن يبني قصرا ويهدم مصرا، وإذا تغلب آخر على المتغلب وقعد مكانه انعزل الأول وصار الثاني إماما وتجب طاعة الامام عادلا كان أو جائرا إذا لم يخالف الشرع، فقد علم أنه يصير إماما بثلاثة أمور، لكن الثالث في الامام المتغلب وإن لتكن فيه شروط الإمامة، وقد يكون بالتغلب مع المبايعة وهو الواقع في سلاطين الزمان نصرهم الرحمن. قوله: (وبأن ينفذ حكمه) أي يشترط مع وجود