وباعمال ووجوه، وكل إما مفاوضة أو عنان كما قال الشيخان الطحاوي والكرخي، وجرى عليه الزيلعي وغيره، نعم ما فعله الشارح حسن من حيث إن قول المصنف إما مفاوضة وإما عنان خاص بشركة المال بدليل قوله بعده: وإما تقبل وأما وجوه فقد دفع ما يوهمه المتن من أن الأخيرين لا يكونان مفاوضة ولا عنانا، فافهم. وسنذكر أن شروط المفاوضة في المواضع الثلاثة مختلفة، وأن الظاهر أنها في الأخيرين مجاز.
مطلب: في شركة المفاوضة قوله: (من التفويض) أي من الفوض الذي منه فاض الماء: إذا عم. فتح. ولذا قال في الهداية: لأنها شركة عامة في جميع التجارات. وفي القاموس: المفاوضة الاشتراك في كل شئ:
المساواة اه. لكنها في الاصطلاح أخص لأنه لا يلزم فيها مساواتهما في العقار والعروض كما أفاده ط. قوله: (إن تضمنت وكالة وكفالة) أي بأن يكون كل واحد منهما فيما وجب لصاحبه بمنزلة الوكيل، وفيما وجب عليه بمنزلة الكفيل عنه خانية. وقد اعترض ذكر الوكالة بأنه لا فائدة فيه لأنه لا يختص المفاوضة. وأجاب في النهر بأنه لا بدع في ذكر شرط الشئ وإن كان شرطا لآخر اه.
على أن الشرط مجموع الوكالة والكفالة، وهذا خاص بالمفاوضة. قوله: (لصحة الوكالة بالمجموع ضمنا) جواب عما أورد من أن الوكالة بالمجهول لا تصح.
وأورد أيضا أن الكفالة لا تصح بدون قبول المكفول له وهو هنا مجهول. وأجيب بمثل ما أ جاب به الشارح فكان عليه أن يذكر الكفالة أيضا، لكن قال في البحر عقب الجواب المذكور: على أن الفتوى في الكفالة على الصحة: أي بلا توقف على القبول، وسبقه إلى هذا في الدرر، فالاعتراض بها ساقط من أصله فلذا لم يذكرها الشارح، لكن فيه اشتباه، وهو أن الواقع هنا جهالة المكفول له. ولا خلاف في أن العلم به شرط، وإنما الخلاف في اشتراط قبول الكفالة، فقيل يشترط وعليه المتون وصححوه، وقيل غير شرط وصحح أيضا. قوله: (تصح به الشركة) صفة لقوله: مالا احترز به عما لو اختص أحدهما بملك عرض أو عقار كما يأتي أو دين كما في الخانية: أي قبل قبضه، فلو قبضه بطلت وانقلبت عنانا، إذ تشترط المساواة ابتداء وبقاء كما يأتي.
قوله (كما حققه الواني) أخذا من كونها عبارة عن المساواة في جميع ما تتعلق به الشركة، وقال:
فلذا لم يتعرضوا له.
قلت: في الخانية ويشترط المساواة في الربح أيضا. قوله: (يستلزم في الدين) لان الكافر إذا اشترى خمرا أو خنزيرا لا يقدر المسلم أن يبيعه وكالة من جهته، فيفوت شرط التساوي في التصرف. ابن كمال. قوله: (مع الكراهة) لان الكافر لا يهتدي إلى الجائز من العقود. يزلعي. قوله:
(ومسلم وكافر) أفاد أنها تصح بين ذميين كنصراني ومجوسي كما في الخانية. قوله: (لعدم المساواة) فإن العبد لا يملك التصرف والكفاية إلا بإذن المولى، بخلاف الحر والصبي لا يملك الكفالة أصلا