باب الوطئ الذي يوجب الحد، والذي لا يوجبه قوله: (لقيام الشبهة) علة لقوله لا يوجبه. قوله: (لحديث) علة لما فهم من العلة الأولى، وهو أن الحد لا يثبت عند قيام الشبهة. وطعن بعض الظاهرية في الحديث بأنه لم يثبت مرفوعا.
والجواب أن له حكم الرفع، لان إسقاط الواجب بعد ثبوته بالشبهة خلاف مقتضى العقل. وأيضا في إجماع فقهاء الأمصار على الحكم المذكور كفاية، ولذا قال بعضهم: إن الحديث متفق عليه، وأيضا تلقته الأمة بالقبول. وفي تتبع المروي عن النبي (ص) وعن أصحابه من تلقين ماعز وغيره الرجوع احتيالا للدرء بعد الثبوت ما يفيد القطع بثبوت الحكم، وتمامه في الفتح. قوله: (ثلاثة أنواع) يأتي بيانها. قوله: (في المحل) هو الموطوءة كما في العيني والشلبي وغيرهما، فقوله الآتي أي الملك بمعنى المملوك. قوله: (وبرهن) أي على أنها أمة ولده أو أمة أبويه مثلا. قوله: (وكذا يسقط بمجرد دعواها) أي دعوى الشبهة، وهذا يغني عما قبله لانفهامه منه بالأولى. قوله: (إلا في دعوى الاكراه الخ) قلت: الظاهر في وجه الفرق أن الاكراه لا يخرج الفعل عن كونه زنا، وإنما هو عذر مسقط للحد وإن لم يسقط الاثم، كما يسقط القصا ص بالاكراه على القتل دون الاثم فلا يقبل قوله بمجرد دعواه، بخلاف دعواه شبهة من الشبهة الثلاث لأنه ينكر السبب الموجب للحد، فإن دعواه أنه تزوجها أو أنها أمة ولده إنكار للوطئ الخالي عن الملك وشبهته، فلذا قبل قوله بلا برهان. تأمل. والظاهر أن لزوم البرهان على الاكراه خاص بما إذا ثبت زناه بالبينة لا بإقراره. قوله: (لا حد بلازم) أي ثابت.
مطلب في بيان شبهة المحل قوله: (بشبهة المحل) هو الموطوءة كما مر، وهي المنافية للحرمة ذاتا، على معنى أنا لو نظرنا إلى الدليل مع قطع النظر عن المانع يكون منافيا للحرمة. نهر. يعني أن النظر إلى ذات الدليل ينفي الحرمة ويثبت الحل مع قطع النظر عن المانع، كما في القهستاني.
وحاصله أنها وجد فيها دليل مثبت للحل لكنه عارضه مانع، فأورث هذا الدليل شبهة في حل المحل والإضافة على معنى في. وقال الزيلعي: أي لا يجب الحد بشبهة وجدت في المحل وإن علم حرمته، لان الشبهة إذا كانت في الموطوءة ثبت فيها الملك من وجه فلم يبق معه اسم الزنا فامتنع الحد على التقادير كلها، وهذا لان الدليل المثبت للحل قائم وإن تخلف عن إثباته حقيقة لمانع فأورث شبهة، فلهذا سمي هذا النوع شبهة في المحل، لأنها نشأت عن دليل موجب للحل في المحل، بيانه قوله عليه الصلاة والسلام: أنت ومالك لأبيك يقتضي الملك، لان اللام فيه