مطلب: حلف لا يدخل فلان داره قوله: (لا يدخل فلان داره الخ) نقله في النهر عن منية المفتي، وهذا رأيته فيها لكن بلفظ الدار معرفة، وهذا محمول على ما إذا كان فلان ظالما لا يمكن الحالف أن يمنعه كما يعلم مما ذكره الشرنبلالي في رسالة عن الخانية والخلاصة وغيرهما: حلف لا يدع فلانا يدخل هذه الدار، فلو الدار ملك الحالف فشرط البر منعه بالقول والفعل بقدر ما يطيق، فلو منعه بالقول دون الفعل حنث، وإن لم تكن له فمنعه بالقول دون الفعل لا يحنث بالدخول. وفي القنية عن الوبري: حلف ليخرجن ساكن داره اليوم، والساكن ظالم غالب يتكلف في إخراجه، فإن لم يمكنه فاليمين على التلفظ باللسان ا ه.
قال: وهذا يفيد أن ما مر من حنث المالك بالمنع بالقول فقط مقيد بما إذا قدر على منعه بالفعل، وإلا فيكفيه القول، ويفيده قول الخانية: بقدر ما يطيق. هذا حاصل ما ذكره في الرسالة، وقد لخصها السيد أبو السعود تلخيصا مخلا، ونقله عنه ط في الباب السابق، وأنه أفتى بناء على ما فهمه فيمن حلف على أخته أن لا تتكلم بأنها لو تكلمت بعد ما نهاها عن الكلام لا يحنث، لأنه لا يملك منعها، وقاس على ذلك أيضا أنه لو كانت اليمين على الاثبات مثل لتفعلن يكفي أمره بالفعل.
مطلب في الفرق بين لا يدعه يدخل وبين لا يدخل قلت: وهذا خطأ فاحش للفرق البين بين قولنا لا أدعه يفعل وبين لا يفعل، يوضح ذلك ما قدمناه في التعليق عن الولوالجية: رجل قال: إن أدخلت فلانا بيتي أو قال إن تركت فلانا يدخل بيتي فامرأته طالق، فاليمين في الأول على أن يدخل بأمره لأنه متى دخل بأمره فقد أدخله، وفي الثانية على الدخول أمر الحالف أو لم يأمر علم أو لم يعلم لأنه وجد الدخول، وفي الثالث على الدخول بعلم الحالف لان شرط الحنث الترك للدخول، فمتى علم ولم يمنع فقد ترك ا ه. ونقل مثله في البحر عن المحيط وغيره، فانظر كيف جعلوا اليمين في الثاني على مجرد الدخول، لان المحلوف عليه هو دخول فلان، فمتى تحقق دخوله تحقق شرط الحنث وإن منعه قولا أو فعلا، لان منعه لا ينفي دخوله بعد تحققه. وأما عدم الحنث بالمنع قولا وفعلا أو قولا فقط على التفصيل المار فهو خاص بالحلف على أنه لا يدعه أو لا يتركه يدخل، وكذا قوله لا يخليه يدخل، لأنه متى لم يمنعه تحقق أنه تركه أو خلاه فيحنث، هذا هو المصرح به في عامة كتب المذهب، وهو ظاهر الوجه وقدمنا في آخر اليمين في الأكل والشرب فيما لو قال لا أفارقك حتى تقبضني حقي أنه لو فر منه لا يحنث، ولو قال لا يفارقني يحنث كما في الخانية فقد جزم بحنثه إذ فر منه بعد حلفه لا يفارقني.
وعلى هذا فالصواب في جواب الفتوى السابعة أن أخت إذا تكلمت يحنث، سواء منعها عن الكلام أو لا لتحقق شرط الحنث وهو الكلام، ومنعه لها لا يرفعه بعد تحققه كما لا يخفى، نعم لو كان الحلف على أنه لا يتركها أو لا يخليها تتكلم فإنه يبر بالمنع قولا فقط، ولا يحتاج إلى المنع بالفعل لأنه لا يملكه. كما قال في الخانية: رجل حلف بطلاق امرأته أن لا يدع فلانا يمر على هذه القنطرة فمنعه بالقول يكون بارا، لأنه لا يملك المنع بالفعل ا ه. وبما قررناه ظهر أن ما نقله الشارح تبعا للمنية لا يصح حمله على ظاهره لمخالفته للمشهور في الكتب فلا بد من تأويله بما قدمناه.
وقد يؤول بأنه أراد معنى لا يدعه يدخل كما أفتى به في الخيرية، حيث سئل عمن حلف على