الشائع بخلاف وقف البناء والشجر فإنه مما شاع وذاع في عامة البقاع قوله: (وأما الزيادة في الأرض المحتكرة الخ) محل ذكر هذا المسائل في أول الفصل الآتي عند ذكر إجارة الوقف.
والحاصل: أن مستأجر أرض الوقف إذا بنى فيها ثم زادت أجرة المثل زيادة فاحشة فإما أن تكون الزيادة بسبب العمارة والبناء أو بسبب زيادة أجرة الأرض في نفسها ففي الأول لا تلزمه الزيادة لأنها أجرة عمارته وبنائه وهذا لو كانت العمارة ملكه أما لو كانت للوقف كما لو بنى بأمر الناظر ليرجع على الوقف تلزمه الزيادة ولهذا قيد بالمحتكرة يكون وفي الثاني تلزمه الزيادة أيضا كما يأتي بيانه في الفصل قوله: (أمر برفع العمارة) ينبغي تقييده بما إذا لم يضرر رفعه بالأرض أخذا مما بعده قوله: (وتؤجر لغيره) لأن النقصان عن أجر المثل لا يجوز من غيره ضرورة بحر.
مطلب في استيفاء العمارة بعد فراغ مدة الإجارة بأجر المثل قوله: (وإلا تترك في يده بذلك الأجر) لأن فيها ضرورة بحر عن المحيط وظاهر التعليل تركها بيده ولو بعد فراغ مدة الإجارة لأنه لو أمر برفعها لتؤجر من غيره يلزم ضرره وحيث كان يدفع أجرة مثلها لم يوجد ضرر على الوقف فتترك في يده لعدم الضرر على الجانبين وحينئذ فلو مات المستأجر كان لورثته الاستبقاء أيضا إلا إذا كان فيه ضرر على الوقف بوجه ما بأن كان هو أو وارثه مفلسا أو سيئ المعاملة أو متغلبا يخشى على الوقف منه أو غير ذلك من أنواع الضرر كما في حاشية الخير الرملي من الإجارات وأفتى به في فتاواه الخيرية لكنه مخالف لإطلاق المتون والشروح من أنه بعد فراغ المدة يؤمر بالرفع والتسليم وبه أفتى في الخيرية أيضا قبيل باب ضمان الأجير في خصوص الأرض المحتكرة.
قلت: لكن ينبغي تخصيص إطلاق المتون والشروح وإخراج الأرض المعدة للاحتكار من هذا الإطلاق ليتوافق كلامهم ويؤيد ذلك ما مر عن الخصاف من صحة وقف البناء في الأرض المحتكرة وقدمنا وجهه وهو أن البناء عليها يكون على وجه الدوام فيبقى التأبيد المشروط لصحة الوقف ومثل ذلك غالب القرى التي هي وقف أو لبيت المال فإن أهلها إذا علموا أن بناءهم وغراسهم عمر يقلع كل سنة وتؤخذ القرية من أيديهم وتدفع لغيرهم لزم خرابها وعدم من يقوم بعمارتها ومثل ذلك أصحاب الكردار في البساتين ونحوها وكذا أصحاب الكدك في الحوانيت ونحوها فإن إبقاءها في أيديهم سبب لعمارتها ودوام استغلالها ففي ذلك نفع للأوقاف وبيت المال ولكن كل ذلك بعد كونهم يؤدون أجرة مثلها بلا نقصان فاحش وهذا خلاف الواقع في زماننا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وهذا خلاصة ما حررته في رسالتي المسماة (تحرير العبارة فيمن هو أحق بالإجارة) فعليك بها فإنها بديعة في بابها مغنية لطلابها ولله تعالى الحمد قوله: (وفيه) أي في البحر وعزاه إلى المحيط وغيره قوله: (لو زيد عليه) أي من غير أن يزيد أجر المثل في نفسه فتاوى الخيرية ويدل له قوله الآتي والظاهر أنه لا تقبل الزيادة الخ فظهر أن المراد زيادة متعنت فافهم قوله (تفسح عند رأس الشهر) أي قبل دخوله لأنه إذا استأجر مشاهرة كل شهر بكذا تصح