ويعتقد أن الأموال والحرم مشتركة اه. وفي رسالة ابن كمال عن الامام الغزالي في كتاب التفرقة بين الاسلام والزندقة ومن جنس ذلك ما يدعيه بعض من يدعي التصوف أنه بلغ حالة بينه وبين الله تعالى أسقطت عنه الصلاة وحل له شرب المسكر والمعاصي وأكل مال السلطان، فهذا مما لا أشك في وجوب قتله، إذ ضرره في الدين أعظم، ويفتح به باب من الإباحة لا ينسد، وضرر هذا فوق ضرر من يقول بالإباحة مطلقا، فإنه يمتنع عن الاصغاء إليه لظهور كفره. أما هذا فيزعم أنه لم يرتكب إلا تخصيص عموم التكليف بمن ليس له مثل درجته في الدين، ويتداعى هذا إلى أن يدعي كل فاسق مثل حاله اه. ملخصا.
مطلب في أهل الأهواء إذا ظهرت بدعتهم وفي نور العين عن التمهيد: أهل الأهواء إذا ظهرت بدعتهم بحيث توجب الكفر فإنه يباح قتلهم جميعا إذا لم يرجعوا ولم يتوبوا، وإذا تابوا وأسلموا تقبل توبتهم جميعا إلا الإباحية والغالية والشيعة من الروافض والقرامطة والزنادقة من الفلاسفة لا تقبل توبتهم بحال من الأحوال، ويقتل بعد التوبة وقبلها، لأنهم لم يعتقدوا بالصانع تعالى حتى يتوبوا ويرجعوا إليه. وقال بعضهم: إن تاب قبل الاخذ والاظهار تقبل توبته، وإلا فلا، وهو قياس قول أبي حنيفة، وهو حسن جدا: فأما في بدعة لا توجب الكفر فإنه يجب التعزير بأي وجه يمكن أن يمنع من ذلك، فإن لم يمكن بلا حبس وضرب يجوز حبسه وضربه، وكذا لو لم يمكن المنع بلا سيف إن كان رئيسهم ومقتداهم جاز قتله سياسة وامتناعا. والمبتدع لو له دلالة ودعوة للناس إلى بدعته ويتوهم منه أن ينشر البدعة وإن لم يحكم بكفره جاز للسلطان قتله سياسة وزجرا، لان فساده أعلى وأعم حيث يؤثر في الدين والبدعة لو كانت كفرا يباح قتل أصحابها عاما، ولو لم تكن كفرا يقتل معلمهم ورئيسهم زجرا وامتناعا اه.
قوله: (الذي لا يتدين بدين) يحتمل أن يكون المراد به الذي لا يستقر عن دين، أو الذي يكون اعتقاده خارجا عن جميع الأديان. والثاني هو الظاهر من كلامه الذي سنذكره عنه، وقدمنا عن رسالة ابن كمال تفسيره شرعا بمن يبطن الكفر وهذا أعم. قوله: (وتمامه فيه) أي في الفتح حيث قال:
ويجب أن يكون حكم المنافق في عدم قبولنا توبته كالزنديق، لان ذلك في الزنديق لعدم الاطمئنان إلى ما يظهر من التوبة إذا كان يخفي كفره الذي هو عدم اعتقاده دينا، والمنافق مثله في الاخفاء.
وعلى هذا فطريق العلم بحاله إما بأن يعثر بعض الناس عليه أو يسره إلى من أمن إليه اه.
مطلب: حكم الدروز والتيامنة والنصيرية والإسماعيلية تنبيه: يعلم مما هنا حكم الدروز والتيامنة، فإنهم في البلاد الشامية يظهرون الاسلام والصوم والصلاة مع أنهم يعتقدون تناسخ الأرواح، وحل الخمر والزنا، وأن الألوهية تظهر في شخص بعد شخص، الحشر والصوم والصلاة والحج، ويقولون المسمى به غير المعنى المراد، ويتكلمون في جناب نبينا (ص) كلمات فظيعة. وللعلامة المحقق عبد الرحمن العمادي فيهم فتوى مطولة، وذكر فيها أنهم ينتحلون عقائد النصيرية والإسماعيلية الذين يلقبون بالقرامطة، والباطنية الذين ذكرهم صاحب المواقف. ونقل عن علماء المذاهب الأربعة أنه لا يحل إقرارهم في ديار الاسلام بجزية ولا غيرها، ولا تحل مناكحتهم ولا ذبائحهم، وفيهم فتوى في الخيرية أيضا فراجعها.