مطلب في بيان شبهة الفعل قوله: (بشبهة الفعل) أي الشبهة في الفعل الذي هو الوطئ حيث كما قد يشتبه على حرمته لا في محله وهو الموطوءة، لان حرمة المحل هنا مقطوع بها إذا لم يقم فيه دليل ملك عارضه غيره فلم يكن في حل المحل شبهة أصلا. قوله: (أي شبهة في حق من حصل له اشتباه) هو معنى قول المصنف إن ظن حله لان من ظن الحل فقد اشتبه عليه الامر، ولذا قال في الفتح: إنها تتحقق في حق من اشتبه عليه الحل والحرمة، إذ لا دليل في السمع يفيد الحل، بل ظن غير الدليل دليلا، كما يظن أجارية زوجته تحل له، لظنه أنه استخدام، واستخدامها حلال، فلا بد من الظن وإلا فلا شبهة أصلا لفرض أن لا دليل أصلا لتثبت الشبهة في نفس الامر، فلو لم يكن ظنه الحل ثابتا لم تكن شبهة أصلا اه. قوله: (إن ظن حله) شرط لقوله: ولا حد الخ فنفي الحد هنا مشروط بظن الحل، لما علمت أن هذا الظن هو الشبهة لعدم دليل قائم تثبت به الشبهة، فلو لم يظن الحل شبهة أصلا بخلاف ما مر، فإن الشبهة فيه جاءت من دليل حل المحل فلا حاجة فيه إلى ظن الحل، فلذا انتفى الحد فيه سواء ظن الحل أو لا. قوله: (العبرة لدعوى الظن الخ) أي لا للظن نفسه فإنه يحد إن لم يدع وإن حصل له الظن، ولا يحد إن ادعى وإن لم يحصل له الظن. ابن كمال. وفيه تورك على عبارة المصنف، لكن لا يخفى أن الظن أمر باطني لا يعلمه القاضي إلا بدعوى صاحبه، فقوله: إن ظن حله أي إن علم القاضي أنه ظن الحل يدرأ عنه الحد، وذلك لا يكون إلا بدعواه وإخباره. قوله: (ولو ادعاه أحدهما الخ) لان الشبهة إذا تمكنت في الفعل من أحد الجانبين تتعدى إلى الجانب الآخر ضرورة. بحر. قوله: (كوطئ أمة أبويه الخ) لان بين الانسان وبين أبويه وزوجته وسيده انبساطا في الانتفاع بمالهم واستخدام جواريهم، فكان مظنة حل الوطئ على توهم أنه من الاستخدام، وكذا بقاء أثر الفراش في المعتدة من وجوب النفقة وحرمة تزوج أختها مظنة لتوهم حل وطئها، وقيد بالأمة لما في الخانية: لو زنى بامرأة الأب أو الجد فإنه يحد وإن قال ظننت أنها تحل لي. قوله: (ومعتدة الثلاث) هذا إذا لم ينو الثلاث بالكنايات إذ لنواها بها كان من شبهة المحل كما قدمه عن النهر. قوله: (ولو جملة) أي ولو كان تطليقه الثلاث بلفظ واحد فلا يسقط عنده الحد، إلا أن ادعى ظن الحل، وكذا لو أوقع الثلاث متفرقة بالطريق الأولى إذ لم يخالف فيه أحد، لان القرآن ناطق بانتفاء الحل بعد الثالثة فلم يبق شبهة في حل المحل، ولا اعتبار بخلاف من أنكر وقوع الجملة لمخالفته للقطعي، وهو إجماع الصحابة الذي تقرر في زمن عمر، لكن يشكل ما في نكاح الهداية من أن الحد لا يجب بوطئ المطلقة بائنا واحدة أو ثلاثا مع العلم بالحرمة على إشارة كتاب الطلاق. وعلى عبارة كتاب الحدود يجب، لان الملك قد أزال حق الحل فيتحقق الزنا اه. ووفق في البحر بحمل إشارة كتاب الطلاق على ما إذا أوقع الثلاث جملة، وحمل عبارة الحدود على ما إذا أوقعها متفرقة، لان إيقاعها جملة خالف فيه الظاهرية: أي فيكون من شبهة المحل، فلا يحد وإن اعتقد الحرمة لشبهة الدليل واعترضه ح بأن المصرح به في الفتح وغيره
(١٨٥)