مطلب: حلف لا يصوم حنث بصوم ساعة قوله: (لوجود شرطه) وهو الصوم الشرعي، إذ هو الامساك عن المفطر على قصد التقرب، وقد وجد تمام حقيقته، وما زاد على أدنى إمساك في وقته فهو تكرار الشرط، ولأنه بمجرد الشروع في الفعل إذا تمت حقيقته يمسي فاعلا، ولذا نزل إبراهيم عليه السلام ذابحا بإمرار السكين في محل الذبح، فقيل له: * (قد صدقت الرؤيا) * بخلاف ما إذا كانت حقيقته تتوقف على أفعال مختلفة كالصلاة كما يأتي فتح واعترض بأن الصوم الشرعي أقله يوم، وأجيب بأنه يطلق شرعا على ما دونه. ودفع بأن المطلق ينصرف إلى الكامل.
قلت: جوابه أن هذا لو قال صوما كما يأتي، أما بدون تصريح بمصدر أو ظرف فالمراد الحقيقة وقد وجدت بالأقل، ولهذا في الشرع والعرف: إنه صام ثم أفطر فيحنث لوجود شرط الحنث قبل الافطار ثم لا يرتفع بعد تحققه، فافهم.
ثم اعلم أن ما ذكره المصنف هنا كبقية المتون مخالف لما قدمه في هذا الباب من أنه لو حلف لا يصلي أو لا يصوم فهو على الصحيح دون الفاسد كما قدمناه، وكنت أجبت عنه في باب نكاح الرقيق، بأن المراد بالصحيح ما وجدت حقيقته الشرعية على وجه الصحة فلا يضره عروض الفساد بعد ذلك، ويفيده ما ذكرناه عن الفتح من التعليل، وعليه فقوله: دون الفاسد احتراز عن الفاسد ابتدأ، كما لو نوى الصوم عند الفجر وهو يأكل أو شرع في الصلاة محدثا، فليتأمل. ثم رأيت في الفتح ما يفيد المنافاة بين القولين، حيث استشكل المسألة المارة، ثم أجاب بأن ما هنا أصح لأنه نص عن محمد في الجامع الصغير، لكنه بعد أسطر أجا أأدخل مستندا للذخيرة بأن المراد بالفاسد ما لم يوصف بوصف الصحة في وقت بأن يكون ابتداء الشروع غير صحيح، وقال: وبه يرتفع الاشكال، وتبعه في البحر والنهر وهذا عين ما فهمته من الاشكال والجواب والحمد لله على إلهام الصواب.
قوله: (لأنه مطلق الخ) علة للمسألتين: أي فلا يراد باليوم بعضه وكذا في صوم، لان المراد بهما المعتبر شرعا فافهم. قال في الفتح: أما في يوما فظاهر وكذا في صوما لأنه مطلق فينصرف إلى الكامل وهو المعتبر شرعا، ولذا قلنا: لو قال لله علي صوم وجب عليه صوم يوم كامل بالاجماع، وكذا إذا قال علي صلاة تجب ركعتان عندنا، لا يقال المصدر مذكور بذكر الفعل، فلا فرق بين حلفه لا يصوم، ولا يصوم صوما فينبغي أن لا يحنث في الأول إلا بيوم، لأنا نقول: الثابت في ضمن الفعل ضروري لا يظهر أثره في غير تحقق الفعل، بخلاف صريح، فإنه اختياري يترتب عليه حكم المطلق فيوجب الكمال ا ه. قوله: (لان اليمين الخ) جواب عما أورد من أن اليمين هنا صحت مع أنه مقرون بذكر اليوم ولا كمال. ورد في الفتح: إلا أن يراد بأن كلامنا كان في المطلق وهو لفظ يوما ولفظ هذا اليوم مقيد معرف، وإنما تشكل هذه المسألة والتي بعدها على قول أبي حنيفة ومحمد، لان التصور شرعا منتف، وكونه ممكنا في صورة أخرى وهي صورة النسيان