يبقى عليهم حق العبد من القصاص إن قتلوا، والضمان إن أخذوا المال، وقول البحر: والقطع إن أخذوا المال سبق قلم، وصوابه: والضمان.
والحاصل أن بقاء حق العبد لا ينافي سقوط الحد، وكأنه في النهر توهم أن الباقي هو الحد وليس كذلك، فافهم، وفي البحر عن الظهيرية: رجل أتى بفاحشة ثم تاب وأناب إلى الله تعالى فإنه لا يعلم القاضي بفاحشته لإقامة الحد عليه، لان الستر مندوب إليه اه. وفي شرح الأشباه للبيري عن الجوهر: رجل شرب الخمر وزنى ثم تاب ولم يحد في الدنيا هل يحد له في الآخرة؟ قال:
الحدود حقوق الله تعالى، إلا أنه تعلق بها حق الناس وهو الانزجار، فإذا تاب توبة نصوحا أرجو أن لا يحد في الآخرة، فإنه لا يكون أكثر من الكفر والردة، وإنه يزول بالاسلام والتوبة. قوله: (فلا تعزير حد) تعزير اسم لا مبني معها على الفتح، وحد خبرها، وكذا قوله: ولا قصاص حد وقدر الشارح خبرا للأول، لان الخبر المذكور مفرد لا يصلح خبرا لهما، لكنه مصدر للجنس فيصلح لهما، والخطب في ذلك سهل. ثم إن الأول مفرع على قوله: مقدرة، والثاني على قوله وجبت حقا لله تعالى. وقوله: لعدم تقديره أي تقدير التعزير: أي كل أنواعه، لان المقدر بعضها وهو الضرب، على أن الضرب وإن كان أقله ثلاثة وأكثره تسعة وثلاثون، لكن ما بين الأقل والأكثر ليس بمقدر كما أفاده في البحر.
مطلب: أحكام الزنا قوله: (والزنا) بالقصر في لغة أهل الحجاز فيكتب بالياء، وبالمد فلغة أهل نجد فيكتب بالألف. بدأ بالكلام عليه لأنه لصيانة النسل فكان راجعا إلى الوجود وهو الأصل، ولكثرة وقوع سببه مع قطيعته، بخلاف السرقة فإنها لا تكثر كثرته، والشرب وإن كثر فليس حده بتلك القطعية. نهر وفتح.
مطلب: الزنا شرعا لا يختص بما يوجب الحد بل أعم قوله: (الموجب للحد) قيد به لان الزنا في اللغة والشرع بمعنى واحد، وهو وطئ الرجل المرأة في القبل في غير الملك وشبهته، فإن الشرع لم يخص اسم الزنا بما يوجب الحد بل بما هو أعم، والموجب للحد بعض أنواعه. ولو وطئ جارية ابنه لا يحد للزنا ولا يحد قاذفه بالزنا، فدل على أن فعله زنا وإن كان لا يحد به، وتمامه في الفتح. وبه علم أن ما في الكنز وغيره من تعريف الزنا بما مر تعريف للشرعي الأعم، فلا يعترض عليه بترك القيود التي ذكرها المصنف هنا، لأنه تعريف للأخص الموجب للحد، على أن القيود المذكورة خارجة عن الماهية لأنها شروط لاجراء الحكم كما في النهر. تأمل. قوله: (قدر حشفة) أي حشفة أو قدرها ممن كان مقطوعها، لكن صرح بالخفي وسكت عن الظاهر لعلمه بالأولى اختصارا، أو أقحم لفظ قدر لإفادة التعميم لا للاحتراز عن نفس الحشفة، فإيلاج بعضها غير موجب للحد لأنه ليس وطئا، ولذا لم يوجب الغسل ولم يفسد الحج كما في الجوهرة، وأشار بسكوته عن الانزال إلى أنه غير شرط. قوله: (مكلف) أي عاقل بالغ، ولم يقل مسلم لأنه غير شرط في حق الجلد. قوله: (مطلقا) سواء ثبت عليه بإقراره