فالحاصل أن في مسألتنا لا يخرج عن العهدة إلا بالتصدق بمكة، مع أنهم قالوا: لو التزم التصدق على فقراء مكة بمكة ألغينا تعيينه الدرهم والمكان والفقير، فعلى هذا يفرق بين التزام بصيغة الهدي وبينه بصيغة النذر. بحر.
مطلب في الفرق بين تعيين المكان في الهدي دون النذر ووجهه أن الهدي جعل التصدق به في الحرم جزء من مفهومه، بخلاف ما لو نذر التصدق بدرهم على فقراء الحرم، فإن الدرهم لم يجعل التصدق به في الحرم جزاء من مفهومه، بل ذلك وصف خارج عن ماهيته، ومثله تعيين الزمان والدرهم فلذا لم يلزم بالنذر، ثم رأيت نحوه في ط عن الشرنبلالية، وكالهدي الأضحية فإنها اسم لما يذبح في أيام النحر، فالزمان مأخوذ في مفهومها، كما سنذكر تحقيقه في بابها إن شاء الله تعالى، فالهدي والأضحية خارجان من قولهم ألغينا تعيين الزمان والمكان، فإن الزمان متعين في نذر الأضحية والمكان في الهدي، وكذا النذر المعلق كإن شفى الله مريضي فلله علي صوم شهر مثلا، فإنه يتعين فيه الزي بمعنى أنه لا يصح صومه قبل وجود المعلق عليه، أما المكان والدرهم والفقير فلا تتعين فيه كما حققناه في بحث النذر أول الايمان، فافهم. قوله: (بعد الحلف) أفاد أنه لو كان مملوكا وقت ت الحلف فغزلته فلبسه فإنه هدي بالأولى وهو متفق عليه. بحر قوله: (وشرطا ملكه يوم حلف) لان النذر إنما يصح في الملك أو مضافا إلى سبب الملك ولم يوجد، لان اللبس وغزل المرأة ليسا من أسباب الملك، وله أن غزل المرأة عادة يكون من قطن الزوج، والمعتاد هو المراد وذلك سبب لمالكه. بحر: أي الغزل من قطن الزوج سبب لملك الزوج لما غزلته، ولهذا يحنث إذا غزلت من قطن مملوك للزوج وقت الحلف، لأنها إذا غزلته كان ذلك سببا لان يملك الزوج غزلها مع أن القطن ليس بمذكور، وتمامه في العناية، لكن يشكل أن الشرط إنما هو اللبس وهو ليس سببا للملك. إلا أن يقال: إن المراد إن غزلت ثوبا ولبسته فيكون الشرط هو الغزل الذي هو سبب الملك لا مجرد اللبس. قوله: (لأنها إنما تغزل من كتان نفسها) أي فلم يوجد شرط النذر وهو الإضافة إلى ملكه أو سببه ط. قوله: (وبقوله الخ) هذا ذكره في النهر، والأول ذكره في الفتح، وبحث في كل منهما نوح أفندي بأنه في حيز المنع، فإن بعض نساء مصر تغزل من كتان الزوج، وبعض نساء الروم بالعكس لا سيما نساء الجنود الذين يغيبون عنهن سنين، فالأولى اعتبار الغالب ا ه ملخصا. قوله: (لا يلبس من غزلها) أي مغزولها كما عبر به قبله، وهو عند عدم النية على الثوب، وإن نوى عين الغزل لا يحنث بلبس الثوب لأنه نوى الحقيقة، ولو حلف لا يلبس من غزلها فلبس ثوبا من غزلها وغزل غيرها حنث، ولو من غزلها خيط واحد لان الغزل غير مقدر، إلا إذا قال: ثوبا من غزلها، لان بعض الثوب لا يسمى ثوبا محيط لا يلبس من غزلها فلبس زره وعراه من غزلها لا يحنث، لأنه لا يسمى لبسا عرفا، بخلاف اللبنة والزيق. منتقى ا ه بحر ملخصا، ولو لبس ثوبا فيه رقعة من غزل غيرها حنث، لا لو حلف لا يلبس من غزلها فلبس ما خيط من غزلها فتح. قوله: (لأنه لا يسمى لابسا عرفا) بخلاف ما إذا لبس