فجاب بأنه من عموم المجاز بأن يراد به معنى عام يكون المعنى الحقيقي فردا من أفراده وهو نسبة السكنى: أي ما يسكنها زيد بملك أو عارية، لكن بقي ما إذا دخل دار مملوكة لزيد وساكنها غيره فحلف رجل لا يدخل دار زيد، فمقتضى كون المعتبر نسبة السكنى أن لا يحنث، وفي المجتبى عن الايضاح أن فيه عن محمد روايتين وقيل: إذا كان لزيد دار غيرها سكنها لم يحنث، وإلا فيحنث اه.
قلت: وجزم في الخانية بالحنث ولم يفصل، وهو مرجح لاحدى الروايتين، وعليه فكان على المصنف أن يقول: يراد به نسبة السكنى أو الملك، لكن مشى في المحيط على عدم الحنث.
ففي النهر: اعلم أنه إذا حلف لا يدخل دار زيد، فداره مطلقا دار يسكنها، فلو دخل دار غلته لم يحنث كما في المحيط وعليه تفرع ما في المجتبى: إن دخلت دار زيد فعبدي حر، إن دخلت دار عمرو فامرأته طالق، فدخل دار زيد وهي في يد عمرو بإجارة لم يعتق وتطلق، فإن نوى شيئا صدق اه.
قلت: لكن الذي رأيته في المجتبى وكذا في البحر نقلا عنه يعتق وتطلق، وعليه متفرع على ما في الخانية لا على ما في المحيط. وفي الخانية أيضا: لا يدخل دار فلان فآجرها فلان، فدخلها الحالف: فيه روايتان، قالوا: عدم الحنث قول أبي حنيفة وأبي يوسف، لان الإضافة عندهما كما تبطل بالبيع بالإجارة والتسليم وملك اليد للغير اه.
قلت: هذا يفيد أن ما جزم به في الخانية أولا قولهما، وإحدى الروايتين عن محمد، ويفيد أيضا أنها إذا بقيت بيد الملك غير مسكونة لاحد تبقى النسبة له فيحنث الحالف بدخولها ولو كان الملك ساكنا في غيرها، تأمل.
(تنبيه): في الخانية أيضا: حلف لا يدخل دار زيد ثم حلف لا يدخل دار عمرو فباعها زيد من عمرو وسلمها إليه فدخلها الحالف حنث في اليمين الثانية عنده، لان عنده المستحدث بعد اليمين يدخلها فيها لو مات مالك الدار فدخل لا يحنث لانتقالها للورثة، ولو كان عليه دين مستغرق: قال محمد بن سلمة: يحنث، وقال أبو الليث: لا، وعليه الفتوى، لأنها وإن لن يملكها الورثة وبقيت على حكم ملك الميت لم تكن مملوكة له من كل وجه اه ملخصا.
مطلب: لا يضع قدمه في دار فلان قوله: (ولو حافيا) الأولى أن يقول: ولو منتعلا لأنه من النعل لم تمس قدمه الأرض فيشمل الحافي بالأولى. قدمه: (متعذرة) نحو: والله لا آكل من هذه النخلة كما يأتي أول الباب الآتي.
قوله: (أو مهجورة) كما في مثالنا. قوله: (ووضع قدميه) أي بحيث يكون جسده خارج الدار. درر.
قوله: (لم يحنث) هو ظاهر الرواية كما في الفتح. شرنبلالية. قال في الذخيرة: ومتى صار اللفظ مجازا عن غيره لا يعتبر اللفظ بحقيقته ويتصرف إلى المجاز كما في وضع القدم إلا لدليل يدل على عدم إرادة المجاز، فتعتبر الحقيقة، فإذا قال لامرأته إن ارتقيت هذا السلم أو وضعت رجلك عليه فأنت كذا فوضعت رجلها عليه ولم ترتق حنث، لان العطف دل على أنه أراد به الحقيقة، ثم قال:
وفي المنتقى: لأضربنك بالسياط حتى أقتلك فهذا على الضرب الوجيع، ولو قال: لأضربنك