على لسان صاحب الشرع، قال عليه الصلاة والسلام: الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها فإن كانوا تكلموا بالخروج لكن لم يعزموا على الخروج بعد، فليس للامام أن يعترض لهم، لان العزم على الجناية لم يوجد بعد، كذا ذكر في واقعات اللامشي، وذكر، القلانسي في تهذيبه قال بعض المشايخ: لولا علي رضي الله عنه ما درينا القتال مع أهل القبلة، وكان علي ومن تبعه من أهل العدل وخصمه من أهل البغي، وفي زماننا الحكم للغلبة ولا تدري العادلة والباغية كلهم يطلبون الدنيا اه ط. لكن قوله: ولا أن يعينوا تلك الطائفة على الامام، فيه كلام سيأتي. قوله: (قطاع طريق) وهم قسمان: أحدهما الخارجون بلا تأويل بمنعة وبلا منعة، يأخذون أموال المسلمين ويقتلونهم ويخيفون الطريق. والثاني قوم كذلك، إلا أنهم لا منعة لهم لكن لهم تأويل، كذا في الفتح، لكنه عد الأقسام أربعة، وجعل هذا الثاني قسما منهم مستقلا ملحقا بالقطاع من جهة الحكم.
وفي النهر: هنا تحريف فتنبه له. قوله: (وبغاة) هم كما في الفتح قوم مسلمون خرجوا على إمام العدل ولم يستبيحوا ما استباحه الخوارج من دماء المسلمين وسبي ذراريهم اه. والمراد خرجوا بتأويل وإلا فهم قطاع كما علمت. وفي الاختيار: أهل البغي كل فئة لهم منعة يتغلبون ويجتمعون ويقاتلون أهل العدل بتأويل ويقولون الحق معنا ويدعون الولاية اه. قوله: (وخوارج وهم قوم الخ) الظاهر أن المراد تعريف الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله تعالى عنه، لان مناط الفرق بينهم وبين البغاة هو استباحتهم دماء المسلمين وذراريهم بسبب الكفر، إذ لا تسبى الذراري ابتداء بدون كفر، لكن الظاهر من كلام الاختيار وغيره أن البغاة أعم، فالمراد بالبغاة ما يشمل الفريقين، ولذا فسر في البدائع البغاة بالخوارج لبيان أنهم منهم وإن كان البغاة أعم، وهذا من حيث الاصطلاح، وإلا فالبغي والخروج متحققان في كل من الفريقين على السوية، ولذا قال علي رضي الله تعالى عنه في الخوارج: إخواننا بغوا علينا. قوله: (لهم منعة) بفتح النون: أي عزة في قومهم فلا يقدر عليهم من يريدهم مصباح. قوله: (بتأويل) أي بدليل يؤولونه على خلاف ظاهره، كما وقع للخوارج الذين خرجوا من عسكر علي عليه بزعمهم أنه كفر هو ومن معه من الصحابة، حيث حكم جماعة في أمر الحرب الواقع بينه وبين معاوية وقالوا: إن الحكم إلا الله، ومذهبهم أن مرتكب الكبيرة كافر، وأن التحكيم كبيرة لشبه قامت لهم استدلوا بها مذكورة مع ردها في كتب العقائد.
مطلب في أتباع عبد الوهاب الخوارج في زماننا قوله: (ويكفرون أصحاب نبينا (ص)) علمت أن هذا غير شرط في مسمى الخوارج، بل هو بيان لمن خرجوا على سيدنا علي رضي الله تعالى عنه، وإلا فيكفي فيهم اعتقادهم كفر من خرجوا عليه، كما وقع في زماننا في اتباع عبد الوهاب الذين خرجوا من نجد وتغلبوا على الحرمين وكانوا ينتحلون مذهب الحنابلة، لكنهم اعتقدوا أنهم هم المسلمون وأن من خالف اعتقادهم مشركون، واستباحوا بذلك قتل أهل السنة وقتل علمائهم، حتى كسر الله تعالى شوكتهم وخرب بلادهم وظفر بهم عساكر المسلمين عام ثلاث وثلاثين ومائتين وألف. قوله: (كما حققه في الفتح) حيث قال: