قوله: (ولو قال إن قتلت ذلك الفارس الخ) أقول: هذا إذا صرح بكونه أجرا، وإلا فهو تنفيل لما في السير الكبير للسرخسي، ولو قال الأمير لمسلم حر أو عبد: إن قتلت ذلك الفارس من المشركين، فلك علي أجر مائة دينار، فقتله لم يكن له أجر، لأنه لما صرح بالاجر لا يمكن حمل كلامه على التنفيل، والاستئجار على الجهاد لا يجوز وإن قال ذلك لذمي، فكذلك عندهما، وعند محمد: جاز، وأصل جواز الاستئجار على القتل عنده لا عندهما، لأنه إزهاق الروح، وليس من عمله، ولو كان الاسرى قتلى فقال من قطع رؤوسهم فله أجر عشرة دراهم، ففعل ذلك مسلم أو ذمي استحقه، لان ذلك ليس من عمل الجهاد، ولو أراد قتل الاسرى فاستأجر عليه مسلما أو ذميا فهو على الخلاف اه. ملخصا. وهذا صريح بأنه لو لم يصرح بالاستئجار يكون تنفيلا، ويشهد له فروع كثيرة في السير الكبير أيضا منها: من جاء بألف درهم فله ألفان، فجاء رجل بألف لم يكن له غيرها، بخلاف من جاء بأسير فهو له وخمسمائة درهم فإنه يعطى ذلك، لان المقصود هنا نكاية العدو، وفيما قبله لا مقصود إلا المال، ولو قال: من قتل الملك فله عشرة آلاف دينار صح، وإن لم يحصل بقتله مال. قال حين اصطفوا للقتال: من جاء برأس فله مائة دينار فهو على رأس الرجال دون السبي، لان المقصود في هذه الحالة التحريض على القتال اه. ففي هذه الفروع ذكر مال معلوم، وقد جعل تنفيلا لا إجارة لعدم التصريح بها، فقد ظهر أن ما ذكره الشارح تبعا للنهر عن المنية، وكذا ما نقله ح عن قاضيخان، ليس على إطلاقه. وأما القول بأن الاستئجار على الطاعات جائز عند المتأخرين، ففيه أنهم أجازوه في مسائل خاصة للضرورة، وليس الجهاد منها، ولا يصح حمل كلامهم على كل عبادة كما نبهنا عليه سابقا، فافهم. قوله: (ولو نفل السرية الخ) من فروع قوله: وسماع القاتل الخ. قوله: (هي قطعة من الجيش الخ) قد علمت ما فيه قبل هذا الباب. قوله: الربع) أي ربع الغنيمة: أي بأن جعل لهم ربعها يأخذونه دون بقية العسكر زيادة على سهامهم. قوله: (فلهم النفل) أي للسرية، والأولى أن يقول: فلها لئلا يتوهم عود الضمير على العسكر. قوله: (استحسانا) والقياس أنه لا نفل لهم، لان المقصود التحريض، ولا يحصل إذا لم يسمعه أحد منهم، وتكلم الأمير بذلك في عسكر كتكلمه ليلا مع عياله. وجه الاستحسان أن ما يتكلم به في عسكره يفشو عادة، وأن عادة الملوك التكلم بين خواصهم، وتمامه في شرح السير.
مطلب مهم في التنفيل العام بالكل أو بقدر منه قوله: (وجاز التنفيل بالكل) بأن يقول للسرية: ما أصبتم فهو لكم سوية بينكم. قوله: (أو بقدر منه) بأن يقول: ما أصبتم فلكم ثلثه سوية بينكم بعد الخمس، أو يقول قبل الخمس: أي لكم ثلثه بعد إخراج الخمس أو قبل إخراجه: أي ثلث الأربعة الأخماس أو ثلث الكل. قوله: (والفرق في الدرر) أي الفرق بين جواز التنفيل المذكور للسرية، وعدم جوازه للعسكر، لكنه لم يذكر في الدرر في الفرق إلا التنفيل بالكل، لأنه يعلم منه الفرق في التنفيل بقدر منه، وعبارة الدرر هكذا في النهاية عن السير الكبير: أن الامام إذا قال لأهل العسكر جميعا ما أصبتم فلكم نفلا بالسوية بعد الخمس