ملة أنه باعتبار ما استقر عليه أمر ملتنا اه. وهذا مؤيد لما بحثته، لكن في جوابه الأخير نظر. قوله:
(فلا يحد أخرس) سواء شهد الشهود عليه أو أشار بإشارته المعهودة وأفاد أن الأعمى يحد كما في البحر. قوله: (للشبهة) لأنه لو كان ناطقا يحتمل أن يخبر بما لا يحد به كإكراه أو غص بلقمة. قال في البحر: ولو قال المشهود عليه بشرب الخمر: ظننتها لبنا أو لا أعلم أنها خمر لم يقبل، فإن قال ظننتها نبيذا قبل، لأنه بعد الغليان والشدة يشارك الخمر في الذوق والرائحة. قوله: (طائع) مكرر مع قول المتن طوعا. ح. قوله: (غير مضطر) فلو شرب للعطش المهلك مقدار ما يرويه فسكر لم يحد لأنه بأمر مباح. وقالوا: لو شرب مقداره وزيادة ولم يسكر حد كما في حالة الاختيار. قهستاني.
وبه صرح الحاكم في الكافي. قوله: (شرب الخمر) هي النئ من ماء العنب إذا غلا واشتد وقذف بالزبد. فإن لم يقذف فليس بخمر عند الامام خلافا لهما، وبقولهما أخذ أبو حفص الكبير. خانية.
ولو خلط بالماء: فإن كان مغلوبا حد، وإن كان الماء غالبا لا يحد إلا إذا سكر. نهر.
مطلب في نجاسة العرق ووجوب الحد بشربه وفي أشربة القهستاني: من قال إنها لم تبق خمرا بالطبخ لم يحد شاربها إلا إذا سكر، وعلى هذا ينبغي أن لا يحد شارب العرق ما لم يسكر. ومن قال إنها بقيت خمرا فالحكم عنده بالعكس، وإليه ذهب الامام السرخسي، وعليه الفتوى، كما في تتمة الفتاوى اه.
قلت: علم بهذا أن المعتمد المفتى به أن العرق لم يخرج بالطبخ والتصعيد عن كونه خمرا فيحد بشرب قطرة منه وإن لم يسكر. وأما إذا سكر منه فلا شبهة في وجوب الحد به، وقد صرح في منية المصلي بنجاسته أيضا فلا يغرنك ما أشاعه في زماننا بعض الفسقة المولعين بشربه من أنه طاهر حلال، كأنه قاله قياسا على ما قالوه في ماء الطابق: أي الغطاء من زجاج ونحوه فإنه قياس فاسد، لان ذاك فيما لو أحرقت نجاسة في بيت فأصاب ماء الطابق ثوب إنسان تنجس قياسا لا استحسانا، ومثله حمام فيها نجاسات فعرق حيطانها وكواتها وتقاطر، فإن الاستحسان فيها عدم النجاسة للضرورة لعدم إمكان التحرز عنه. والقياس النجاسة لانعقاده من عين النجاسة. ولا شك أن العرق المستقطر من الخمر هو عين الخمر تتصاعد مع الدخان وتقطر من الطابق بحيث لا يبقى منها إلا أجزاؤها الترابية، ولذا يفعل القليل منه في الاسكار أضعاف ما يفعله كثير الخمر، بخلاف المتصاعد من أرض الحمام ونحوه فإنه ماء أصله طاهر خالط نجاسة، مع احتمال أن المتصاعد نفس الماء الطاهر. ويمكن أن يكون هذا وجه الاستحسان في طهارته، وعلى كل فلا ضرورة إلى استعمال العرق الصاعد من نفس الخمر النجسة العين ولا يطهر بذلك، وإلا لزم طهارة البول.
ونحوه إذا استقطر في إناء ولا يقول به عاقل. وقد طلب مني أن أعمل بذلك رسالة وفيما ذكرناه كفاية. قوله: (بلا قيد سكر) تصريح بما أفاده قوله ولو قطرة، إشارة إلى أن هذا هو المقصود من المبالغة للتفرقة بين الخمر وغيرها من باقي الأشربة، وإلا فلا يحد بالقطرة الواحدة لان الشرط قيام الرائحة. ومن شرب قطرة خمر لا يوجد منه رائحتها عادة، نعم يمكن الحد به على قول محمد الآتي من أنه لو أقر بالشرب لا يشترط قيام الرائحة، بخلاف ما إذا ثبت ذلك بالشهادة. هذا ما ظهر لي، ولم أر من تعرض له، فتأمل. قوله: (أو سكر من نبيذ ما) أي من أي شراب كان غير الخمر إذا