أفاد أن الحكم غير مقصور على مكة والمدينة، بل جزيرة العرب كلها كذلك، كما عبر به في الفتح وغيره، وقدمنا تحديدها، والحديث المذكور قاله عليه الصلاة والسلام في مرضه الذي مات فيه، كما أخرجه في الموطأ وغيره وبسطه في الفتح. قوله: (ولا يطيل) فيمنع أن يطيل فيها المكث حتى يتخذ فيها مسكنا، لان حالهم في المقام في أرض العرب مع التزام الجزية كحالهم في غيرها بلا جزية، وهناك لا يمنعون من التجارة، بل من إطالة المقام، فكذلك في أرض العرب. شرح السير.
وظاهره أن حد الطول سنة. تأمل. قوله: (فالظاهر أنه ورد فيه ما استقر عليه الحال) أي فيكون المنع هو المعتمد في المذهب.
قلت: لكن الذي ذكره أصحاب المتون في كتاب الحظر والإباحة أن الذمي لا يمنع من دخول المسجد الحرام وغيره. وذكر الشارح هناك أن قول محمد والشافعي وأحمد المنع من المسجد الحرام، فالظاهر أن ما في السير الكبير هو قول محمد وحده دون الامام، وأن الأصحاب المتون على قول الإمام ، ومعلوم أن المتون موضوعة لنقل ما هو المذهب فلا يعدل عما فيها، على أن الامام السرخسي ذكر في شرح السير الكبير أن أبا سفيان جاء إلى المدينة، ودخل المسجد، ولذلك قصة:
قال: فهذا دليل لنا على مالك رحمة الله تعالى بمنعه المشرك من أن يدخل شيئا من المساجد، ثم قال: إن الشافعي قال: يمنعون من دخول المسجد الحرام خاصة للآية: * (إنما المشركون نجس) * (سورة التوبة: الآية 82) فأما عندنا لا يمنعون كما لا يمنعون عن دخول سائر المساجد، ويستوي في ذلك الحربي والذمي الخ قوله: (وفي الخانية الخ) كان أولى تقديمه على مسألة الاستيطان، ثم إن ظاهره أن نسائهم تميز بالكستيج دون العبيد، مع أنه ليس في عبارة الخانية ذكر النساء أصلا، ونصها: ولا يؤخذ عبيد أهل الذمة بالكستيجات، وهكذا نقله عنها في البحر والنهر. وعبارة النهر قالوا: ويجب تميز نساؤهم أيضا عن نسائنا في الطرقات والحمامات، وفي الخانية: ولا يؤخذ عبيد أهل الذمة بالكستيجات اه.
مطلب في سكنى أهل الذمة المسلمين في المصر قوله: (الذمي إذا اشترى دارا الخ) قال السرخسي في شرح السير: فإن مصر الامام في أراضيهم للمسلمين كما مصر عمر رضي الله عنه البصرة والكوفة، فاشترى بها أهل الذمة دورا وسكنوا مع المسلمين لم يمنعوا من ذلك، فإنا قبلنا منهم عقد الذمة ليقفوا على محاسن الدين، فعسى أن يؤمنوا، واختلاطهم بالمسلمين والسكن معهم يحقق هذا المعنى، وكان شيخنا الامام شمس الأئمة الحلواني يقول: هذا إذا قلوا وكان بحيث لا تتعطل جماعات المسلمين ولا تتقلل الجماعة بسكناهم بهذه الصفة، فإما إذا كثروا على وجه يؤدي إلى تعطيل بعض الجماعات أو تقليلها منعوا من ذلك وأمروا أن يسكنوا ناحية ليس فيها للمسلمين جماعة، وهذا محفوظ عن أبي يوسف في الأمالي اه.. قوله: (أي أراد شراءها) إنما فسره بها لقوله بعد لا ينبغي أن تباع منه. قوله: