وذكر شيخ الاسلام إنما يكره هذا إذا لم يكن من عذر، أما إذا كان فلا يكره كما في الجمعة إذا كان القوم على الرف، وبعضهم على الأرض لضيق المكان. وحكى الحلواني عن أبي الليث: لا يكره قيام الامام في الطاق عند الضرورة بأن ضاق المسجد على القوم ا ه. وبه علم أن قوله: والامام على الأرض أي ومعه بعض القوم. قوله: (كما لو كان الخ) محترز قوله: وانفراد الامام على الدكان قال في البحر: قيد الانفراد، لأنه لو كان بعض القوم مع الامام، قيل يكره، والأصح لا، وبه جرت العادة في جوامع المسلمين في أغلب الأمصار، كذا في المحيط اه. وظاهره أنه لا يكره ولو بلا عذر، وإلا كان داخلا فيما قبله. تأمل. قوله: (ومن العذر الخ) أي في الانفراد في مكان مرتفع، وهذا حكاه في البحر تبعا للحلية مذهبا للشافعي، وأنه قيل: إنه رواية عن أبي حنيفة.
قلت: لكن في المعراج ما نصه: وبقولنا قال الشافعي رحمه الله تعالى، إلا إذا أراد الامام تعليم القوم أفعال الصلاة، أو أراد المأموم تبليغ القوم فحينئذ لا يكره عندنا ا ه. وبه علم أنه كما يكره انفراد الامام في مكان عال بلا عذر يكره انفراد المأموم وإن وجدت طائفة مع الامام، فافهم. قوله:
(وقدمنا الخ) أي في باب الإمامة عند قوله: ويصف الرجال حيث قال: ولو صلى على رفوف المسجد إن وجد في صحنه مكانا كره كقيامه في صف خلف صف فيه فرجة ا ه. ولعله يشير بذلك إلى أنه لولا العذر المذكور كان انفراد المأموم مكروها. قوله: (لكن قالوا الخ) القائل صاحب القنية، فإنه عزا إلى بعض الكتب: أتى جماعة ولم يجد في الصف فرجة قيل يقوم وحده ويعذر، وقيل يجذب واحدا من الصف إلى نفسه فيقف بجنبه. والأصح ما روى هشام عن محمد أنه ينتظر إلى الركوع، فإن جاء رجل وإلا جذب إليه رجلا أو دخل في الصف، ثم قال في القنية: والقيام وحده أولى في زماننا لغلبة الجهل على العوام، فإذا جره تفسد صلاته ا ه. قال في الخزائن: قلت:
وينبغي التفويض إلى رأي المبتلى، فإن رأى من لا يتأذى لدين أو صداقة زاحمه أو عالما جذبه وإلا انفرد ا ه. قلت: وهو توفيق حسن اختاره ابن وهبان في شرح منظومته. قوله: (فلذا قال الخ) أي فلم يذكر الجذب لما مر. قوله: (ولبس ثوب فيه تماثيل) عدل عن قول غيره تصاوير لما في المغرب: الصورة عام في ذي الروح وغيره، والتمثال خاص بمثال ذي الروح، ويأتي أن غير ذي الروح لا يكره. قال القهستاني: وفيه إشعار بأنه لا تكره صورة الرأس، وفيه خلاف كما في اتخاذها كذا في المحيط. قال في البحر: وفي الخلاصة وتكره التصاوير على الثوب صلى فيه أو لا، انتهى، وهذه الكراهة تحريمية. وظاهر كلام النووي في شرح مسلم الاجماع على تحريم تصوير الحيوان، وقال: وسواء صنعه لما يمتهن أو لغيره، فصنعته حرام بكل حال، لان فيه مضاهاة لخلق الله تعالى، وسواء كان في ثوب أو بساط أو درهم وإناء وحائط وغيرها ا ه. فينبغي أن يكون حراما لا مكروها إن ثبت الاجماع، أو قطعية الدليل بتواتره ا ه كلام البحر ملخصا. وظاهر قوله: فينبغي الاعتراض على الخلاصة في تسميته مكروها.
قلت: لكن مراد الخلاصة اللبس المصرح به في المتون، بدليل قوله في الخلاصة بعد ما مر: