يصلي فيها الامراء الجمعة ويمنعون الناس من دخولها خوفا من العدو، فعلى هذا اختلف في الصف الأول، هل هو ما يلي الامام من داخلها، أم ما يلي المقصورة من خارجها؟ فأخذ الفقيه بالثاني توسعة على العامة كي لا تفوتهم الفضيلة، ويعلم منه بالأولى أن مثل مقصورة دمشق التي هي في وسط المسجد خارج الحائط القبلي يكون الصف ما يلي الامام في داخلها وما اتصل به من طرفيها خارجا عنها من أول الجدار إلى آخره، فلا ينقطع الصف ببنائها، كما لا ينقطع بالمنبر الذي هو داخلها فيما يظهر، وصرح به الشافعية، وعليه فلو وقف في الصف الثاني داخلها قبل استكمال الصف الأول من خارجها يكون مكروها. ويؤخذ من تعريف الصف الأول بما هو خلف الامام: أي لا خلف مقتد آخر أن من قام في الصف الثاني بحذاء باب المنبر يكون من الصف الأول، لأنه ليس خلف مقتد آخر، والله تعالى أعلم. قوله: (في غير جنازة) أما فيها فآخرها إظهارا للتواضع لأنهم شفعاء فهو أحرى بقبول شفاعتهم، ولان المطلوب فيها تعدد الصفوف، فلو فضل الأول امتنعوا عن التأخر عند قلتهم. رحمتي. قوله: (ثم وثم) أي ثم الصف الثاني أفضل من الثالث، وفي الجنازة ما يلي الأخير أفضل مما تقدمه، رحمتي. قوله: (كره) لان فيه تركا لاكمال الصفوف. والظاهر أنه لو صلى فيه المبلغ في مثل يوم الجمعة لأجل أن يصل صوته إلى أطراف المسجد لا يكره. قوله:
(كقيامه في صف الخ) هل الكراهة فيه تنزيهية أو تحريمية، ويرشد إلى الثاني قوله عليه الصلاة والسلام: ومن قطعه قطعه الله ط.
بقي ما إذا رأى الفرجة بعدما أحرم، هل يمشي إليها؟ لم أره صريحا. وظاهر الاطلاق: نعم، ويفيده مسألة من جذب غيره من الصف كما قدمناه فإنه ينبغي له أن يجيبه لتنتفي الكراهة عن الجاذب، فمشيه لنفي الكراهة عن نفسه أولى، فتأمل. ثم رأيت في مفسدات الصلاة من الحلية عن الذخيرة: إن كان في الصف الثاني فرأى فرجة في الأول فمشى إليها لم تفسد صلاته لأنه مأمور بالمراصة. قال عليه الصلاة والسلام: تراصوا في الصفوف ولو كان في الصف الثالث تفسد ا ه:
أي لأنه عمل كثير. وظاهر التعليل بالامر أنه يطلب منه المشي إليها. تأمل.
فائدة: قال في الأشباه: إذا أدرك الامام راكعا فشروعه لتحصيل الركعة في الصف الأخير أفضل من وصل الصف ا ه. أما لو لم يدرك الصف الأخير فلا يقف وحده، بل يمشي إليه إن كان فيه فرجة، وإن فاتته الركعة كما في آخر شرح المنية معللا بأن ترك المكروه أولى من إدراك الفضيلة. تأمل، ويشهد له أن أبا بكرة رضي الله عنه ركع دون الصف ثم دب إليه، فقال له (ص):
زادك الله حرصا، ولا تعد. قوله: (وهذا الفعل مفوت الخ) هذا مذهب الشافعية، لان شرط فضيلة الجماعة عندهم أن تؤدى بلا كراهة، وعندنا ينال التضعيف ويلزمه مقتضى الكراهة أو الحرمة، كما لو صلاها في أرض مغصوبة. رحمتي ونحوه في ط. قوله: (لتقصيرهم) يفيد أن الكلام فيما إذا شرعوا، وفي القنية: قام في آخر صف وبين الصفوف مواضع خالية، فللداخل أن يمر بين يديه