الفرق الضالة، وتعلم النحو المفهم للكتاب والسنة، ومندوبة كإحداث نحو رباط ومدرسة وكل إحسان لم يكن في الصدر الأول، ومكروهة كزخرفة المساجد، ومباحة كالتوسع بلذيذ المآكل والمشارب والثياب كما في شرح الجامع الصغير للمناوي عن تهذيب النووي، وبمثله في الطريقة المحمدية للبركلي. قوله: (قوله وهي اعتقاد الخ) عزا هذا التعريف في هامش الخزائن إلى الحافظ ابن حجر في شرح النخبة، ولا يخفى أن الاعتقاد يشمل ما كان معه عمل أو لا، فإن من تدين بعمل لا بد أن يعتقده، كمسح الشيعة على الرجلين، وإنكارهم المسح على الخفين ونحو ذلك، وحينئذ فيساوي تعريف الشمني لها بأنها ما أحدث على خلاف الحق المتلقى عن رسول الله (ص) من علم أو عمل أوحال بنوع شبهة واستحسان، وجعل دينا قويما وصراطا مستقيما ا ه. فافهم قوله: (لا بمعاندة) أما لو كان معاندا للأدلة القطعية التي لا شبهة له فيها أصلا كإنكار الحشر أو حدوث العالم ونحو ذلك. فهو كافر قطعا. قوله: (بل بنوع شبهة) أي وإن كانت فاسدة كقول منكر الرؤية بأنه تعالى لا يرى لجلاله وعظمته، قوله: (وكل من كان من قبلتنا لا يكفر بها) أي بالبدعة المذكورة المبنية على شبهة، إذ لا خلاف في كفر المخالف في ضروريات الاسلام من حدوث العالم وحشر الأجساد ونفي العلم بالجزئيات، وإن كان من أهل القبلة المواظب طول عمره على الطاعات كما في شرح التحرير. قوله: (حتى الخوارج) أراد بهم من خرج عن معتقد أهل الحق لا خصوص الفرقة الذين خرجوا على الإمام علي رضي الله تعالى عنه وكفروه، فيشمل المعتزلة والشيعة وغيرهم.
قوله: (وسب الرسول) هكذا في غالب النسخ، ورأيته كذلك في الخزائن بخط الشارح، وفيه أن ساب الرسول (ص) كافر قطعا، فالصواب وسب أصحاب الرسول، وقيدهم المحشي بغير الشيخين لما سيأتي في باب المرتد أن سابهما أو أحدهما كافر.
أقول: ما سيأتي محمول على سبهما بلا شبهة، لما صرح به في شرح المنية من أن سابهما أو منكر خلافتهما إذا بناه على شبهة له لا يكفر وإن كان قوله كفرا في حد ذاته، لأنهم ينكرون حجية الاجماع باتهامهم الصحابة، فكان شبهة في الجملة وإن كانت باطلة، بخلاف من ادعى أن عليا إله وأن جبريل غلط، لأنه ليس عن شبهة واستفراغ وسع في الاجتهاد، بل محض هوى، وتمامه فيه فراجعه. وقد أوضحت هذا المقام في كتابي تنبيه الولاة والحكام على أحكام شاتم خير الأنام أو أحد أصحابه الكرام عليه وعليهم الصلاة والسلام. قوله: (لكونه عن تأويل الخ) علة لقوله لا يكفر بها قال المحقق ابن الهمام في أواخر التحرير: وجهل المبتدع كالمعتزلة ما نعي ثبوت الصفات زائدة وعذاب القبر والشفاعة وخروج مرتكب الكبيرة والرؤية لا يصلح عذرا، لوضوح الأدلة من الكتاب والسنة الصحيحة، لكن لا يكفر، إذ تمسكه بالقرآن أو الحديث أو العقل، وللنهي عن تكفير أهل القبلة والاجماع على قبول شهادتهم، ولا شهادة لكافر على مسلم، وعدمه في الخطابية ليس لكفرهم: أي بل لتدينهم شهادة الزور لمن كان على رأيهم أو حلف أنه محق.
وأورد أن استباحة المعصية كفر. وأجيب إذا كان عن مكابرة وعدم دليل، بخلاف ما عن دليل شرعي، والمبتدع مخطئ في تمسكه لا مكابر، والله أعلم بسرائر عباده ا ه. قوله: (ومنا من كفرهم)