في النفل أيضا إلحاقا له بالفرض فيما لم يرد به تخصيص من التوسعة، كجوازه قاعدا بلا عذر ونحوه.
وأما إطالة الثالثة على الثانية والأولى فلا تكره، لما أنه شفع آخر ا ه. قوله: (صلى بالمعوذتين) يعني في صلاة الفجر والسورة الثانية أطول من الأولى بآية. وفي الاحتراز عن هذا التفاوت حرج، وهو مدفوع شرعا فجعل زيادة ما دون ثلاث آيات أو نقصانه كالعدم فلا يكره ح عن الحلية. قوله: (على طريق الفرضية) أي بحيث لا تصح الصلاة بدونه كما يقول الشافعي في الفاتحة. قوله: (ويكره التعيين إلخ) هذه المسألة مفرعة على ما قبلها، لان الشارع إذا لم يعين عليه شيئا تيسيرا عليه كره له أن يعين، وعلله في الهداية بقوله: لما فيه من هجر الباقي وإيهام التفضيل. قوله: (بل يندب قراءتها أحيانا) قال في جامع الفتاوى: وهذا إذا صلى الوتر بجماعة، وإن صلى وحده يقرأ كيف شاء ا ه.
وفي فتح القدير: لان مقتضى الدليل عدم المداومة لا المداومة على العدم كما يفعله حنفية العصر، فيستحب أن يقرأ ذلك أحيانا تبركا بالمأثور، فإن لزوم الايهام ينتفي بالترك أحيانا، ولذا قالوا: السنة أن يقرأ في ركعتي الفجر بالكافرون والاخلاص. وظاهر هذا إفادة المواظبة، إذ الايهام المذكور منتف بالنسبة إلى المصلي نفسه ا ه. ومقتضاه اختصاص الكراهة بالامام.
ونازعه في البحر بأن هذا مبني على أن العلة إيهام التفضيل والتعيين، أما على ما علل به المشايخ من هجر الباقي فلا فرق في كراهة المداومة بين المنفرد والامام والسنة والفرض، فتركه المداومة مطلقا، لما صرح به في غاية البيان من كراهة المواظبة على قراءة السور الثلاث في الوتر أعم من كونه في رمضان إماما أو لا ا ه. وأجاب في النهر بأنه قد علل بهما المشايخ، والظاهر أنهما علة واحدة لا علتان، فيتجه ما في الفتح.
أقول: على أنه في غاية البيان لم يصرح بالتعميم المذكور. وأيضا فإن إيهام هجر الباقي يزول بقراءته في صلاة أخرى. وأيضا ذكر في وتر البحر عن النهاية أنه لا ينبغي أن يقرأ سورة متعينة على الدوام لئلا يظن بعض الناس أنه واجب ا ه فهذا يؤيد ما في الفتح أيضا.
هذا، وقيد الطحاوي والأسبيجابي الكراهة بما إذا رأى ذلك حتما لا يجوز غيره، أما لو قرأه للتيسير عليه أو تبركا بقراءته عليه الصلاة والسلام فلا كراهة لكن بشرط أن يقرأ غيرها أحيانا لئلا يظن الجاهل أن غيرها لا يجوز. واعترضه في الفتح بأنه لا تحرير فيه، لان الكلام في المداومة ا ه.
وأقول: حاصل معنى كلام هذين الشيخين بيان وجه الكراهة في المداومة، وهو: أنه إن رأى ذلك حتما يكره من حيث تغيير المشروع وإلا يكره من حيث إيهام الجاهل، وبهذا الحمل يتأيد أيضا كلام الفتح السابق، ويندفع اعتراضه اللاحق، فتدبر. قوله: (ولا الفاتحة) بالنصب معطوف على محذوف تقديره: لا غير الفاتحة ولا الفاتحة، وقوله في السرية يعلم منه نفي في الجهرية بالأولى، والمراد التعريض، بخلاف الإمام الشافعي ويرد ما نسب لمحمد. قوله: (اتفاقا) أي بين أئمتنا الثلاثة. قوله: (وما نسب لمحمد) أي من استحباب قراءة الفاتحة في السرية احتياطا. قوله: (كما بسطه الكمال) حاصله أن محمدا قال في كتابه الآثار: لا نرى القراءة خلف الإمام في شئ من