نورا يمشي به في الناس) - وهو العلم - (كمن مثله في الظلمات) - وهو الجاهل الغارق في ظلمات الجهل أو موتى القلوب. قال في الاحياء: وقال فتح الموصلي: المريض إذا منع الطعام والشراب والدواء أليس يموت؟ قالوا: بلى. قال: كذلك القلب إذا منع عليه الحكمة والعلم ثلاثة أيام يموت. ولقد صدق، فإن غذاء القلب العلم والحكمة وبه حياته، كما أن غذاء الجسد الطعام، ومن فقد العلم فقلبه مريض وموته لازم الخ. قال الشاعر أخو العلم حي خالد بعد موته * وأوصاله تحت التراب وميم وذو الجهل ميت وهو ماش على الثرى * يظن من الاحياء وهو عديم قوله: (العلم يرفع المملوك الخ) قال في الاحياء: وقال عليه الصلاة والسلام (إن الحكمة تزيد الشريف شرفا، وترفع المملوك حتى تجلسه مجالس الملوك) وقد نبه بهذا على ثمرته في الدنيا، ومعلوم أن الآخرة خير وأبقى. ه.
ثم ذكر عن سالم بن أبي الجعد قال: اشتراني مولاي بثلاثمائة درهم فأعتقني، فقلت: بأي حرفة أحترف؟ فاحترفت بالعلم، فما تمت لي سنة حتى أتاني أمير المدينة زائرا فلم آذن له. قوله:
(وإنما العلم الخ) هذا بيت من بحر السريع، وقوله (لأربابه) متعلق بمحذوف حال من ولاية، لان نعت النكرة إذ قدم عليها أعرب حالا أو صفة للعلم، إنما لم يعزل صاحبه لأنه ولاية إلهية لا سبيل للعباد إلى عزله منها. والمعتمد أن أولي الامر في قوله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) هم العلماء كما سيذكره الشارح آخر كتاب وفي الاحياء قال أبو الأسود:
ليس شئ أعز من العلم، الملوك حكام على الناس، والعلماء حكام على الملوك وفي معناه قول الشاعر إن الملوك ليحكمون على الورى * وعلى الملوك لتحكم العلماء قوله: (إن الأمير الخ) البيتان من مجزوء الكامل المرفل. يعنى، أن الأمير الكامل ليس هو من إذا عزل صار من آحاد الرعية، بل هو الذي إذا عزل من إمارة الولاية يبقي متصفا بإمارة الفضل والعلم. قوله: (واعلم أن تعلم العلم الخ) أي العلم الموصل إلى الآخرة أو الأعم منه. قال العلامي في فصوله: من فرائض الاسلام تعلم ما يحتاج إليه العبد في إقامة دينه وإخلاص عمله لله تعالى ومعاشرة عباده. وفرض على كل مكلف ومكلفة بعد علم الدين والهداية تعلم علم الوضوء والغسل والصلاة والصوم، وعلم الزكاة لمن نصاب، والحج لمن وجب عليه، والبيوع