زمنه لأنه حقيقة العرفية فتترك الحقيقة الأصلية. قوله: (وعند أهل الحقيقة) هم الجامعون بين الشريعة والطريقة الموصلة إلى الله تعالى، والحقيقة لب الشريعة: وسيأتي تمامه. قوله: (الزاهد في الآخرة) كذا في البحر. والذي في الغزنوية الرغب في الآخرة ابن عبد الرزاق. أقول: مثله في الاحياء للامام الغزالي بزيادة حيث قال: سأل فرقد السنجي (1) الحسن عن شئ فأجابه، فقال: أن الفقهاء يخالفونك، فقال الحسن: ثكلتك أمك، وهل رأيت فقيها بعينك؟ إنما الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة، والبصير بدينه المداوم على عبادة ربه، الورع الكاف عن أعراض المسلمين، العفيف عن أموالهم الناصح لجماعتهم. قوله: (وموضوعه الخ) موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية قال في البحر: وأما موضوعه ففعل المكلف من حيث إنه مكلف، لأنه يبحث فيه عما يعرض لفعله من حل وحرمة ووجوب وندب، والمراد بالمكلف: البالغ العاقل، ففعل غير المكلف ليس من موضوعه، وضمان المتلفات ونفقة الزوجات إنما المخاطب بها الولي لا الصبي والمجنون، كما يخاطب صاحب البهيمة بضمان ما أتلفته حيث فرط في حفظهما لتنزيل فعلها في هذه الحالة بمنزلة فعله وأما الصحة عبادة الصبي كصلاته وصومه المثاب عليها فهي عقلية من باب ربط الاحكام بالأسباب، ولذا لم يكن مخاطبا بها بل ليعتاد فلا يتركها بعد بلوغه إن شاء الله تعالى، وقيدنا بحيثية التكليف لان فعل المكلف لا من حيث التكليف ليس موضوعه كفعله من حيث إنه مخلوق لله تعالى اه. قوله: (ثبوتا أو سلبا) أي من حيث ثبوت التكليف به كالواجب والحرام، أو سلبه كالمندوب والمباح: وقصد بذلك دفع ما قد يقال: إن قيد الحيثية مراعى، فالمراد فعل المكلف من حيث إنه مكلف كما مر. فيرد عليه أن دفع فعل المكلف المندوب أو المباح من موضوع الفقه أيضا مع أنه لا تكليف فيه لجواز فعله وتركه. والجواب أنه يبحث عنه في الفقه من حيث سلب التكليف به عن طرفي فعل المكلف مطلب: الفرق بين المصدر والحاصل بالمصدر تنبيه: قال في النهر اعلم أن الفعل يطلق على المعنى الذي هو وصف للفاعل موجود كالهيئة المسماة بالصوم، وهي الامساك عن المفطرات بياض النهار، وهذا يقال فيه الفعل بالمعنى الحاصل بالمصدر، وقد يطلق على نفس إيقاع الفاعل هذا المعنى، ويقال فيه الفعل بالمعنى المصدري: أي الذي هو أحد مدلولي الفعل، ومتعلق التكليف إنما هو الفعل بالمعنى الأول لا الثاني، لان الفعل بالمعنى الثاني اعتباري لا وجود له في الخارج، إذ لو كان موجودا لكان له موقع فيكون له إيقاع، وهكذا فيلزم التسلسل المحال، فأحكم هذا فإنه ينفعك في كثير من المحال اه. قوله، (واستمداده) أي مأخذه.
(٤٠)