في الحديث ما يقيد السؤال على العلم، ولفظه: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابه فيما أبلاه (1)؟ وعن ما له من أي شئ اكتسبه؟ وعن علمه ماذا صنع به؟ وأجيب بأن المراد، إلا طلب الزيادة من العلم. به يصح التعليل.
واعترض بأنه يسأل عن طلبه هل قصد به الرياء أو الجاه؟ ويدل عليه ما في الحديث السابق (ولكن تعلمت العلم ليقال عالم وقد قيل الخ). أقول الأوجه أن يقال: المراد به العلم النافع الموصل إلى الله تعالى، وهو المقرون بحسن النية مع العمل به والتخلص من آفات النفس، فلا يسأل عنه لأنه خير محض، بخلاف غيره فإنه يسأل صاحبه عنه ليعذبه به كما دل عليه تمام الحديث السابق، ولذا ورد في الحديث (إن الله تعالى يبعث العباد يوم القيامة ثم يبعث العلماء، ثم يقول: يا معشر العلماء إني لم أضع علمي فيكم إلا لعلمي بكم، ولم أضع علمي فيكم لأعذبكم، اذهبوا فقد غفرت لكم) هذا ما ظهر لي، والله تعالى أعلم.
قوله: (وفيها) أي في الأشباه عن آخر المصفى للامام النسفي. قوله: (عن مذهبنا) أي عن صفته.
فالمعنى: إذا سئلنا أي المذاهب صواب ط. قوله: (مخالفنا) أي من خالفنا في الفروع من الأئمة المجتهدين. قوله: (قلنا الخ) لأنك لو قطعت القول لما صح قولنا: إن المجتهد يخطئ ويصيب أشباه. أي، فلا نجزم بأن مذهبنا صواب البتة، ولا بأن مذهب مخالفنا خطأ البتة، بناء على المختار من أن حكم الله في كل مسألة واحد معين وجب طلبه، فمن أصابة فهو المصيب ومن لا فهو المخطئ. ونقل عن الأئمة الأربعة: ثم المختار أن المخطئ مأجور كما في التحرير وشرحه.
مطلب يجوز تقليد المفضول مع وجود الأفضل ثم اعلم أنه ذكر في التحرير وشرحه أيضا أنه يجوز تقليد المفضل مع وجود الأفضل، وبه قال الحنفية والمالكية وأكثر الحنابلة والشافعية. وفي رواية عن أحمد وطائفة كثيرة من الفقهاء: ولا يجوز، ثم ذكر أنه لو التزم مذهبا معينا كأبي حنيفة والشافعي، فقيل يلزمه، وقيل لا وهو الأصح اه. وقد شاع إن العامي مذهب له.
إذا عملت ذلك ظهر لك أن ما ذكر عن النسفي من وجوب اعتقاد أن مذهبه صواب يحتمل الخطأ مبني على أنه لا يجوز تقليد المفضول، وأنه يلزمه التزام مذهبه وأن ذلك لا يتأتى في العامي.
وقد رأيت في آخر فتاوي ابن حجر الفقهية التصريح ببعض ذلك، فإنه سئل عن عبارة النسفي المذكورة، ثم حرر أن قول أئمة الشافعية كذلك، ثم قال: إن ذلك مبني على الضعيف من أنه يجب تقليد الأعلم دون غيره. والأصح، أنه يتخير في تقليد أي شاء ولو مفضولا وإن اعتقده كذلك، وحينئذ فلا يمكن أن يقال أو يظن أنه على الصواب، بل على المقلد أن يعتقد أن ما ذهب إليه إمامه يحتمل أنه الحق. قال ابن حجر: ثم رأيت المحقق ابن الهمام صرح بما يؤيده حيث قال في شرح