غير مزيل، وكذا ورق الكتابة لصقالته وتقومه، وله احترام أيضا لكونه آلة لكتابة العلم، ولذا علله في التاترخانية بأن تعظيمه من أدب الدين. وفي كتب الشافعية: لا يجوز بما كتب عليه شئ من العلم المحترم كالحديث والفقه وما كان آلة لذلك. أما غير المحترم كفلسفة وتوراة وإنجيل علم تبدلهما وخلوهما عن اسم معظم فيجوز الاستنجاء به ا ه. ونقل القهستاني الجواز بكتب الحكميات عن الأسنوي من الشافعية وأقره. قلت: لكن نقلوا عندنا أن للحروف حرمة ولو مقطعة. وذكر بعض القراء أن حروف الهجاء قرآن أنزلت على هود عليه السلام، ومفاده الحرمة بالمكتوب مطلقا، وإذا كانت العلة في الأبيض كونه آلة الكتابة كما ذكرناه يؤخذ منها عدم الكراهة فيما لا يصلح لها إذا كان قالعا للنجاسة غير متقوم كما قدمناه من جوازه بالخرق البوالي، وهل إذا كان متقوما ثم قطع منه قطعة لا قيمة لها بعد القطع يكره الاستنجاء بها أم لا؟ الظاهر الثاني لأنه لم يستنج بمتقوم، نعم قطعه لذلك الظاهر كراهته، لو بلا عذر، بأن وجد غيره لان نفس القطع إتلاف، والله تعالى أعمل.
تنبيه: ينبغي تقييد الكراهة فيما له قيمة بما إذا أدى إلى إتلافه، أما لو استنجى به من بول أو مني مثلا وكان يغسل بعده فلا كراهة، إلا إذا كان شيئا ثمينا تنقص قيمته بغسله كما يفعل في زماننا بخرقة المني لية العرس. تأمل. قوله: (ولا صابا) أي لو وجد صابا كخادم وزوجة لا يتركه كما في الامداد، وتقدم في التيمم الكلام على القادر بقدرة الغير، فراجعه. قوله: (سقط أصلا) أي بالماء والحجر. قوله: (كمريض الخ) في التاترخانية: الرجل المريض إذا لم تكن له امرأة ولا أمة وله ابن أو أخ وهو لا يقدر على الوضوء قال: يوضئه ابنه أو أخوه، غير الاستنجاء، فإنه لا يمس فرجه ويسقط عنه، والمرأة المريضة إذا لم يكن لها زوج وهي لا تقدر على الوضوء ولها بنت أو أخت توضئها ويسقط عنها الاستنجاء ه. ولا يخفى أن هذا التفصيل يجري فيمن شلت يداه لأنه في حكم المريض. قوله: (وحق غيره) أي كحجره ومائه المحرز لو بلا إذنه، ومنه المسبل للشرب فقط وجدار ولو لمسجد أو دار وقف لم يملك منافعها كما مر. قوله: (وكل ما ينتفع به) أي لإنسي أو جني أو دوابهما، وظاهره ولو مما لا يتلف بأن كان يمكن غسله. قوله: (مع الكراهة) أي التحريمية في المنهي عنه والتنزيهية في غيره كما علم ما قررناه أو لا، وما ذكره الزاهدي عن النظم من أنه يستنجي بثلاثة أمدار، فإن لم يجد فبالأحجار، فإن لم فبثلاثة أكف من تراب لا بما سواها من الخرقة والقطن ونحوهما، لأنه روي في الحديث أنه يورث الفقر ا ه. قال في الحلية: إنه غير ظاهر الوجه مع مخالفته لعامة الكتب، وكذا قوله: لا بما سواها الخ، فإن المكروه المتقوم لا مطلقا، وما ذكره من الحديث الله أعلم به ا ه. ملخصا. قوله: (وفيه نظر الخ) كذا في البحر. وأجاب في النهر بأن المسنون إنما هو الإزالة، ونحو الحجر لم يقصد بذاته بل لأنه مزيل، غاية الأمر أن الإزالة بهذا الخاص منهي وذا لا ينفي كونه مزيلا. ونظيره لو صلى السنة في أرض مغصوبة كان آتيا بها مع ارتكاب المنهي عنه ا ه.
قلت: وأصل الجواب مصرح به في كافي النسفي حيث قال: لان النهي في غيره، فلا ينفي مشروعيته كما لو توضأ بماء مغصوب أو استنجى بحجر مغصوب.