لا مطلقا، فالدليل أخص من المدعي، وتمامه في الحلية. قوله: (وكره تحريما الخ) كذا استظهره في البحر للنهي الوارد في ذلك: أي فيما ذكره في الكنز بقوله: لا بعظم وروث وطعام ويمين.
أقول: أما العظم والروث فالنهي ورد فيهما صريحا في صحيح مسلم لما سأله الجن الزاد فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه، يقع في أيديكم أوفر ما كان لحما، وكل بعرة علف لدوابكم، فقال النبي (ص): فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم وعلل في الهداية: للروث بالنجاسة، وإليه يشير قوله (ص) في حديث آخر إنها ركس لكن الظاهر أن هذا لا يفيد التحريم، ومثله يقال في الاستنجاء بحجر استنجى به، إلا أن يكون فيه نهي أيضا. قال في الحلية: وإذا ثبت النهي في مطعوم الجن وعلف دوابهم ففي مطعوم الانس وعلف دوابهم بالأولى. وأما اليمين فهو في الصحيحين أيضا إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه ولا يستنجي بيمينه وأما الآجر والخزف فعلله في البحر بأنه يضر المقعدة، فإن تيقن الضرر فظاهر، وإلا فالظاهر عدم الكراهة التحريمية، وقد قال في الحلية: لم أقف على نص يفيد النهي عن الاستنجاء بهما. وأما الشئ المحترم فلما ثبت في الصحيحين من النهي عن إضاعة الماء. وأما حق الغير ولو جدار مسجد أو ملك آدمي فلما فيه من التعدي المحرم. وأما الفحم فعلله في البحر بأنه يضر المقعدة كالزجاج والخزف، وفيه ما علمته، نعم في الحلية روى أبو داود عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنهما قال: قدم وفد الجن على النبي (ص) فقالوا: يا محمد أنه أمتك أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حممة، فإن الله سبحانه وتعالى جعل لنا فيها رزقا، قال: فنهى النبي (ص) عن ذلك قال أبو عبيد: والحمم: الفحم ا ه.
تنبيه: استفيد من حديث مسلم السابق أنه لو كان عظم ميتة لا يكره الاستنجاء به. تأمل. قوله:
(يابس) قيد به، لأنه لما كان لا ينفصل منه شئ صح الاستنجاء به لأنه يجفف ما على البدن من النجاسة الرطبة. بحر: أي بخلاف الرطب فإنه لا يجفف فلا يصح به أصلا. قوله: (استنجي به) بالبناء للمجهول. قوله: (إلا بحرف آخر) أي لم تصبه النجاسة. قوله: (وآجر) بالمد الطوب المشوي.
قوله: (وخزف) بفتح الخاء المعجمة والزاي بعدها فاء، في القاموس: هو ما يعمل من طين يشوى بالنار حتى يكون فخارا. حلية. وفسره في الامداد بصغار الحصا، والظاهر أنه أراد الخذف بالذال المعجمة الساكنة لأنه كان في القاموس: الرمي بحصاة أو نواة أو نحوهما بالسبابتين، فيكون أطلق المصدر على اسم المفعول. تأمل. قوله: (وشئ محترم) أي ما له احترام واعتبار شرعا، فيدخل فيه كل متقوم إلا الماء كما قدمناه، والظاهر أنه يصدق بما يساوي فلسا لكراهة إتلافه كما مر، ويدخل فيه جزء الآدمي ولو كافرا أو ميتا ولذا لا يجوز كسر عظمه، وصرح بعض الشافعية بأن من المحترم جزء حيوان متصل به (1). ولو فأرة، بخلاف المنفصل عن حيوان غير آدمي ا ه. وينبغي أن يدخل فيه كناسة مسجد، ولذا لا تلقى في محل ممتهن، ودخل أيضا ماء زمزم كما قدمناه أول فصل المياه، ويدخل أيضا الورق. قال في السراج: قيل إنه ورق الكتابة، وقيل ورق الشجر وأيهما كان فإنه مكروه ا ه. وأقره في البحر وغيره، وانظر ما العلة في ورق الشجر، ولعلها كونه علفا للدواب أو نعومته فيكون ملوثا